أزمة "اتصالات الصحفيين" تشعل الفتنة داخل تونس.. "الداخلية" تعترف بالتنصت على المكالمات خلال احتجاجات ذكرى الثورة.. نقابة الصحفيين تهدد باللجوء لـ"الأمم المتحدة".. والنقيب: "وزير بن على" لا يليق بـ"تون

لم يمضى كثيرا من الوقت على انقضاء عام 2017 والذى شهد تصدر تونس للعالم العربى فى مجال حرية الصحافة، وفقا للتصنيف العالمى الذى أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود، لينكشف المستور حول حقيقة ما يتعرض له العاملين فى بلاط صاحبة الجلالة من مضايقات وملاحقات أمنية وصلت إلى حد التنصت على مكالماتهم الهاتفية ومراقبة تحركاتهم. فما أن اندلعت بعض التظاهرات فى تونس خلال شهر يناير الماضي، حتى بدأت شكاوى الصحفيين التونسيين والأجانب على حد سواء من المضايقات الأمنية لعرقلة تغطيتهم الصحفية للأحداث، وأعلنت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أنها تلقت خلال الأسبوع الماضى عددا كبيرا من الشكاوى من الصحفيين حول مراقبة أمنية لهم وتنصت على مكالماتهم الهاتفية وتضييقات ومراقبة لهم من قبل أشخاص بالزى المدنى فى محل اقاماتهم أو أماكن خاصة. واليوم لم يعد الأمر مجرد شكوك من قبل الصحفيين التونسيين، بعد أن اعترف وزير الداخلية التونسى لطفى براهم فى جلسة استماع بمجلس النواب أن مكالمات الصحفيين فى قبضة الأمن، حيث قال براهم، إن وزارته أقدمت على رصد المكالمات الهاتفية للصحفيين التونسيين خلال الاحتجاجات الاجتماعية التى شهدتها البلاد، مؤكدا خلال جلسة استماع بلجنة الأمن والدفاع، حول قمع الحريات والاعتداءات على الصحفيين، أنّه تم رصد مكالمات هاتفية ليلية بين صحفى ومحتجين لذلك تم التحقيق معه ومن ثم تم إطلاق سراحه. وما أن تسربت اعترافات براهم من داخل البرلمان إلى خارجه، حتى اتقدت النيران التى كانت خامدة تحت الرماد، فطوال السنوات السبع الماضية منذ قيام ثورة الياسمين ضد نظام زين العابدين بن على يعتبر السواد الأعظم إن الحرية التى مُنحت للصحفيين من أهم الإنجازات، ورغم التخوفات التى تثار بين الحين والآخر من عودة سطوة الأمن على حرية الإعلام والتعبير إلا أنه لم يكن هناك دلائل على هذا. واتجهت نقابة الصحفيين التونسيين إلى التصعيد ضد الدولة والحكومة بعد تصريح براهم حيث لوحت بلجوئها إلى الأمم المتحدة لتشكو لها ممارسات الدولة تجاه الصحفيين، وقال موقع حقائق أون لاين التونسى إن توجه الدولة نحو قمع حرية الصحافة يعتبر مخالف لقواعد المنظمة الأممية التى تعتبره جزءا لا يتجزأ من الحق الأساسى لحرية التعبير، التى سلَّم بها القرار 59 للجمعية العامة للأمم المتحدة، المعتمد فى عام 1946، فضلا عن المادة 19 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان (1948)، التى تنص على أن الحق الأساسى لحرية التعبير يشمل الحرية فى "استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية". وقال نقيب الصحفيين ناجى البغورى - فى تصريحات نقلها الموقع الرسمى للنقابة – إن النقابة ستتصدى إلى الخطوات التصعيدية من قبل الدولة لمحاولة إرجاع الإعلام إلى مربع الوصاية وعودة الرقابة الأمنية على الصحفيين فى مجال عملهم وكذلك انتهاكات حياتهم الخاصة. وعبر البغورى عن "الاستياء الشديد للمناخ العام لحرية الإعلام الذى بات يتسم بتزايد التضييقات على الصحفيين أثناء القيام بعملهم، وعودة الرقابة الأمنية على الصحافيين بقوة"، مشددا على "ضرورة التصدى للممارسات التى تنتهجها وزارة الداخلية تجاه الصحفيين وخاصة خلال الفترة الأخيرة". وأشار إلى أن وزير الداخلية لطفى براهم لم ينف خلال الاستماع إليه بمجلس نواب الشعب الاثنين الماضى، مسألة التصنت على الصحفيين، مضيفا فى هذا الصدد قوله، إذا كان هناك إذن قضائى للسماح بهذه العملية فنحن نطالب بالإطلاع عليها، لافتا الى أن وزير الداخلية الحالى لا يليق بتونس الجديدة، وعلى السلطة إيقاف "هذا المارد المسمى وزارة الداخلية" التى كانت من أكثر المؤسسات المتورطة فى التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان – على حد قوله. ويبدوا أن تلك الأزمة أعادت العلاقات بين وزارة الداخلية والصحفيين فى تونس الى نقطة الصفر مرة آخرى، خاصة أن وزير الداخلية الحالى عمل فترة طويلة فى نظام بن على، وقال عنه أعضاء مجلس النقابة أنه كان يتمتع بسمعة سيئة فى تلك الحقبة فى علاقته بالصحفيين وبالناشطين الحقوقيين. وتحول الجدل على جانب آخر إلى سجال قانونى حول حق وزارة الداخلية فى التنصت على المكالمات فى وقت يمنع فيه الدستور التونسى هذا الأمر ما لم يكن هناك إذن قضائي، ويسلط عقوبات جزائية على القائمين بها، وفى هذا الإطار قال رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية شوقى قدّاس، لموقع حقائق أون لاين، أنه لا يحق التنصت على المكالمات الهاتفية الخاصة دون إذن قضائى مسبق، وأضاف "إذا كان تنصت الداخلية على اتصالات الصحفيين دون إذن قضائى فهو مخالف للقانون وتعدّ على الحريات الشخصية". وتابع بالقول "حان الوقت لإصدار قانون متعلق بالاستخبارات فى تونس، لضبط إمكانية قيام الهياكل العمومية بالتنصت على المكالمات الهاتفية"، مبينا أن هذا القانون سيحدد صلاحيات الدولة وحقوق الأفراد. تلك الأزمة الجديدة قد تزيد من احتقان الشارع التونسى الذى يمر بالفعل بأزمات متتالية سياسية وإجتماعية وأمنية، ما لم يتم احتوائها من قبل الحكومة والقائمين على الإعلام، حتى لا يتبخر أهم مكسب حصلت عليه تونس بعد الثورة كما كان يراج قبل اعترافات وزير الداخلية.








الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;