هل إدراج جملة "ساقط الخيار" تُعد إضرارا بأحد طرفى العقد أو دربا من دروب النصب؟

"ساقط الخيار" عبارة تغيب عن ملايين المتعاقدين فى عملية البيع والشراء، ما يهدر معها الحقوق والواجبات بين الطرفين، وهو ما يعنى من الناحية اللغوية عملية الاختيار الاضطرارى ليس للإنسان فيه أي مجال للتفكير إلا أن يأخذ ما يعرض عليه أما من الناحية الفقهية يكون للمتعاقد الحق في إمضاء العقد أو فسخه. والمعنى القانوني لـ"ساقط الخيار" هو أن يكون المشتري عالماً بالبيع علماً كافياً، ويعتبر العلم كافياً إذا اشتمل العقد على بيان المبيع وأوصافه الأساسية بيانا يمكن من تعرفه، وإذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع، سقط حقه في طلب إبطال البيع بدعوى عدم علمه به إلا إذا أثبت تدليس البائع. في التقرير التالي "انفراد" يلقى الضوء على إشكالية أخرى بعيداَ عن إشكالية معنى "ساقط الخيار" ألا وهى هل يعتبر إدراج جملة ساقط الخيار تُعد إضرارا بأحد طرفي العقد أو ضربا من ضروب النصب فى حالة الاتفاق على تعديل أحكام ضمان العيب الخفي؟ – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض محسن جمال. فى البداية، يجب أن نعلم أن لمسالة ساقط الخيار 7 أنواع حسب الفقه والتشريع حيث يدخل ضمنها الاتفاق على تعديل أحكام ضمان "العيب الخفي" وهو النوع المتعلق بالسؤال سالف الذكر حيث تنص المادة 453 من القانون المدني على ما يأتي: يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا فى الضمان أو أن ينقصا منه أو أن يسقط هذا الضمان، على أن كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه يقع باطلاً إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب في المبيع غشاً منه". مدد رفع دعوى ظهور الخلل وتنص المادة 445 على ما يأتى: "إذا ضمن البائع صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة ثم ظهر خلل فى المبيع، فعلى المشترى أن يخطر البائع بهذا الخلل فى مدة شهر من ظهوره وأن يرفع الدعوى فى مدة ستة شهور من هذا الإخطار وإلا سقط حقه فى الضمان، كل هذا ما لم يتفق على غيره"، ويتبين من هذه النصوص أنه قد يقع اتفاق بين البائع والمشترى على تعديل أحكام ضمان العيب الخفي، وقد يتخذ هذا الاتفاق صورة خاصة هي ضمان البائع صلاحية المبيع للعمل . تعديل أحكام ضمان العيب الخفي باتفاق خاص عملية تعديل أحكام ضمان العيب الخفي باتفاق خاص: أحكام ضمان العيب الخفي، كأحكام ضمان التعرض والاستحقاق، ليست من النظام العام، فيجوز لطرفى العقد أن يتفقا على تعديلها، والتعديل قد يكون – كما في ضمان التعرض والاستحقاق – بالزيادة أو بالنقصان . فالاتفاق على زيادة ضمان العيوب الخفية قد يتعلق بأسباب الضمان أو بمدي التعويض المستحق عند تحقق الضمان، مثل الزيادة في أسباب الضمان أن يشترط المشتري على البائع أن يضمن له كل عيب في المبيع لم ينتبه وقت التسليم حتى لو أمكن تبينه من طريق الفحص بعناية الرجل العادي، أو أن يتفق معه على إطالة مدة التقادم فتكون أكثر من سنة. وضمان البائع صلاحية المبيع للعمل إنما هو ضرب من الاتفاق على زيادة أسباب الضمان، ومثل زيادة مدى التعويض عند تحقق الضمان أن يشترط المشتري، إذا ظهر عيب في المبيع يجيز رده على البائع حسن النية، أو أن يسترد أعلى القيمتين قيمة المبيع سالماً أو الثمن، فكل هذه الشروط التي من شأنها أن تزيد في ضمان البائع للعيب الخفي جائزة، ويجب العمل بها . الاتفاق على إنقاص الضمان أو إلغاؤه جزئيا أو كليا الاتفاق على إنقاص الضمان قد يتعلق إما بأسباب الضمان وإما بدعوى التعويض، مثل إنقاص أسباب الضمان أن يشترط البائع على المشتري إلا يضمن له عيباً معيناً يذكره بالذات، أو إلا يضمن له العيوب التي لا تظهر إلا بالفحص الفني المتخصص، فلا يجوز إنقاص الضمان من ناحية الأتفاق على تقصير مدة التقادم، ومثل إنقاص مدي التعويض أن يشترط البائع على المشتري، إذا رد المبيع المعيب عليه، إلا يرد للمشتري إلا أقل القيمتين قيمة المبيع سليماً أو الثمن ، أو ألا يرد إلا قيمة المبيع سليماً دون أن يدفع أي تعويض آخر . فعلى سبيل المثال قد يتفق بائع السيارة مع المشتري على أنه إذا ظهر عيب في بعض أجزاء السيارة انحصر الضمان في استبدال أجزاء سليمة بهذه الأجزاء المعيبة في خلال مدة معينة فكل هذه الشروط جائزة، ويجب العمل بها إلا أنه يشترط في صحتها إلا يكون البائع عالماً بالعيب الذي اشترط عدم ضمان فتعمد إخفاءه عن المشتري غشاً منه، ذلك أنه لا يستطيع شخص أن يعفي نفسه باتفاق خاص من المسئولية عن غشه. ولا يكفي أن يكون البائع عالماً بالعيب، بل يجب أيضاً أن يتعمد إخفاءه، فإذا كان البائع عالماً بالعيب ولم يتعمد إخفاءه عن المشتري واشترط عدم ضمانه لهذا العيب، جاز شرط عدم الضمان، فإذا نبه البائع المشتري باشتراطه عدم الضمان إلى احتمال وجود العيب، ولم يغشه بتعمد إخفاء العيب عنه، فقبل المشتري تحمل هذه المخاطرة، ولا بد أن يكون قد روعي ذلك في تقدير ثمن المبيع، ويقرب من هذا أن يكون العيب ظاهراً أو في حكم الظاهر أو معلوماً من المشتري، فلا يضمنه البائع، فكما أن خفاء العيب شرط في وجوب الضمان، كذلك ظهور العيب أو علم المشتري به هو اتفاق ضمني على عدم الضمان . والاتفاق على إسقاط الضمان يكون باشتراط البائع على المشتري عدم ضمانه لأي عيب يظهر في المبيع، ويصح هذا الشرط، فلا يكون البائع ضامناً لأي عيب يظهر في المبيع، حتى لو كان يعلم بوجود عيوب معينة ولكنه لم يتعمد إخفاءها عن المشتري ويكون المشتري في هذه الحالة بمثابة من اشتري ساقط الخيار كضمان التعرض والاستحقاق، ويراعى ذلك عادة في تقرير ثمن المبيع، وهنا لا يصح شرط إسقاط الضمان إذا كان البائع عالماً بعيب في المبيع وتعمد إخفاءه عن المشتري غشاً منه، لأنه يكون في هذه الحالة قد اشترط عدم مسئولية عن الغش مما لا يجوز فالمشتري الذى اشترى أرض وهو عالم بحالتها فقد اشترى "ساقط الخيار". ضمان البائع صلاحية المبيع للعمل ضمان البائع صلاحية المبيع للعمل: في بعض الأشياء الدقيقة الصنع السريعة الخلل، كالآلات الميكانيكية والسيارات والساعات والثلاجات والدفايات والبطاريات الكهربائية وأجهزة الراديو يشترط المشتري على البائع أن يضمن له صلاحية المبيع للعمل مدة معينة، سنة أو سنتين أو نحو ذلك فالمشتري في هذه الحالة يزيد من ضمان البائع، لأنه لا يشترط خلو المبيع من العيوب فحسب، بل يشرط أيضاً صلاحية المبيع للعمل بقطع النظر عما إذا كان فيه عيب أو لم يكن. والذي يعنى المشتري في مثل هذه الحالات هو أن يكون المبيع صالحاً للعمل ولا يعنيه أن يكون عدم الصلاحية راجعاً إلى عيب معين، ذلك أن تركيب المبيع في هذه الحالات يقتضي عادة دقة فنية، أي خلل فيها يجعل المبيع غير صالح للعمل، دون أن يمكن إسناد ذلك إلى عيب بالذات ومن هنا يجيئ احتياط المشتري، فيحصل من البائع على ضمان صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة، ويطمئن بذلك إلى أنه اشتري شيئاً صالحاً للعمل هذه المدة على الأقل، ويغلب أن المبيع إذا صلح العمل هذه المدة يكون صالحاً للعمل بعد انقضائها إلى المدى المألوف في التعامل، وهذا الشرط جائز، ويجب العمل به . هل وجود عبارة ساقط الخيار بالعقد تبطله: تجيب المادة "446" من قانون المدنى على هذا السؤال : 1- إذا اتفق على عدم الضمان بقى البائع مع ذلك مسئولاً عن أي استحقاق ينشأ من فعله، ويقع باطلاً ما اتفاق يقضي بغير ذلك. 2- أما إذا كان استحقاق المبيع قد نشأ من فعل الغير, فإن البائع يكون مسئولاً عن ردّ قيمة المبيع وقت الاستحقاق, إلا إذا أثبت أن المشتري كان يعلم وقت البيع سبب الاستحقاق, أو أنه اشترى ساقط الخيار. شروط تعديل أحكام الضمان: يجب في جميع الأحوال، أن يكون الاتفاق على تعديل أحكام الضمان واضحا فيما أنصرفت إليه إرادة المتعاقدين، فلا يوضع في عبارات عامة غامضة كأن يذكر فيها مثلا أن البائع يضمن للمشتري جميع أنواع التعرض القانوني والفعلي، أو أن البائع يضمن للمشتري جميع أنواع التعرض والاستحقاق والرهون والتصرفات السابقة على البيع، أو غيرها من العبارات المشابهة، فمثل هذه العبارات لا تعدل شيئا في أحكام الضمان، بل تكون ترديدا للقواعد العامة بهذا الشأن، وبالتالي يجب على من يريد مخالفة ما فرضه القانون من الضمان، أن يبين في العقد الشرط الذي يفهم منه صراحة مخالفة ما نص عليه القانون لجهة تشديد الضمان أو تخفيضه أو الإعفاء منه. اشتراط ضمان أعمال غير داخلة في الأحكام العامة للضمان: يقع شرط زيادة الضمان في حالة الاشتراط على البائع ضمان أعمال ليست داخلة في الأحكام العامة للضمان مثل أن يشترط المشتري على البائع أن يرجع عليه بالضمان إذا نزعت ملكية المبيع بعد البيع للمنفعة العامة، ولا يخفى أن نزع الملكية للمنفعة العامة بعد البيع لا يدخل في الأعمال التي يضمنها البائع طبقا للأحكام العامة في الضمان فزاد المشتري ضمان البائع بهذا الاتفاق. ومن الأفضل في هذه الحالة أن تحدد المدة التي إذا نزعت ملكية المبيع للمنفعة العامة في خلالها وجب الضمان، وقد يقع الاتفاق على تعديل شروط الاتفاق بما يتكون منه زيادة الضمان كاشتراط الرجوع بجميع النفقات الكمالية ولو كان البائع حسن النية، والقاعدة انه لا يرجع بالنفقات الكمالية إلا إذا كان البائع سيء النية، ومن هذا القبيل أن يشترط المشتري الرجوع على البائع بضمان الاستحقاق ولو قبل التعرض فعلا متى علم المشتري سبب الاستحقاق. الاتفاق على تشديد ضمان الوارث يجوز الاتفاق على تشديد هذا الضمان "أي ضمان الوارث"، فيشترط المشتري على الوارث أن يضمن له قيمة معينة للحصة إذا نزلت دفع الوارث الفرق للمشتري، أو أن يضمن له دخول مال معين بالذات في الحصة المبيعة، وقد يكون هذا الاتفاق ضمنيا، كأن يفصل المشتري مشتملات الحصة التي يشتريها، فيذكر أنها تشتمل على كذا وكذا من العقارات والمنقولات والحقوق والأموال الأخرى، فكل ما ذكر يكون الوارث ضامنا لدخوله في الحصة المبيعة، وإذا لم يدخل لأي سبب رجع المشتري على الوارث بضمان الاستحقاق. بل قد يرجع أيضا بضمان العيب؛ إذا اشترط ذلك صراحة أو ضمنا. ضرورة وضوح الأفعال التي يلتزم البائع بضمانها عند زيادة الضمان: لا يعتبر من قبيل الزيادة في الضمان ما يرد عادة في عقود البيع من عبارات عامة، كذكر أن البائع ضامن لجميع ما يقع للمشتري من تعرض أو نزاع في الانتفاع بالمبيع، لأن مثل هذه العبارات العامة لا تضيف في الواقع شيئا إلى ضمان الاستحقاق القانوني الذي يلزم به البائع. بل يجب إذا قصد التشديد في هذا الضمان أن توضح على وجه الدقة الأفعال التي يلتزم البائع بضمانها، كأن يتفق مثلا على أن للمشتري الرجوع على البائع في حالة الاستحقاق بجميع المصاريف حتى ولو كانت كمالية وحتى ولو كان البائع حسن النية، أو أن يتفق على أن للمشتري الرجوع بالضمان على البائع في حالة ظهور رهن مقيد على المبيع ولو لم يتعرض له الدائن المرتهن، أو أن يتفق على التزام البائع بالضمان في حالة نزع ملكية المبيع للمنفعة العامة.






الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;