ظلمها والداها قبل أن يظلمها المجتمع والظروف، حينما انساقا خلف نزوة شيطانية، تبعاها بإلقاء الوليدة بلا شفقة أو رحمة، لتتلقفها دار لرعاية الأيتام، وتبدأ قصتها المأساوية.
فتحت إيمان رمضان شعبان مظلوم عينيها على الحياة لتجد نفسها يتيمة وحيدة داخل مبرة الشناوى بلا أب أو أم أو أسرة طبيعية تحضنها وترعاها، ولم تطل إقامتها داخل المبرة، وذلك لانتقالها لدار "ابنتى" لرعاية الفتيات بالمنصورة فى سن السابعة، وظلت هناك بين أخواتها من الفتيات اللاتى يعشن نفس الظروف، وليس أمامهن إلا التآخى والتلاحم لمواجهة نظرة المجتمع القاسية لهن.
العريس يطرق الباب
تمر الأيام، والآن أتمت إيمان الواحدة والعشرين، وطرق باب الدار شاب يبحث عن عروس من فتيات الدار، والتقى بإيمان وتمت الخطبة، لكن إيمان لم تقتنع بالشاب، وطالبت الدار بفسخ خطبتها منه مرات عديدة، لكنها لم تقو على مواجهة الضغوط ومحاولات الإقناع بأنه الشاب المناسب الذى يملك شقة، ويستطيع الإنفاق عليها، خصوصا أنه قد ورث مهنة أبيه ويعمل على فرش للإكسسوارات فى أحد الشوارع الشهيرة بالمنصورة.
قررت إيمان أن تتخلص من الضغوط بالرضوخ وإتمام الزيجة، مع نية مبيتة بحرمان الزوج من حقوقه الزوجية، وطلب الطلاق فى اليوم التالى لزواجها، وقد كان.
كشف عذرية من أجل العودة للدار.. والدار ترفض تطبيق اللائحة
عمدت إيمان إلى إجراء كشف عذرية لإثبات بكارتها، لتتمكن من العودة للدار، لكن الدار رفضت عودتها على اعتبار أنها مطلقة، متجاهلة فى ذلك البند الثانى من المادة 24 باللائحة النموذجية المنظمة للعمل بالمؤسسات الإيوائية للأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية والذى ينص صراحة على:
(تهتم المؤسسة بتقديم الرعاية اللاحقة للشباب سواء "البالغين سن 18 عاما ومازالوا بالمؤسسة – والخريجين من المؤسسة"، وذلك فى جو من التفاهم والمؤازرة سواء داخل المؤسسة أو خارجها من خلال دور الضيافة، وفقا للمادة رقم 112 من اللائحة التنفيذية لقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بقانون 126 لسنة 2008 والصادرة برقم 2075 لسنة 2010 على النحو التالى للأبناء الخريجين من المؤسسة:
تتولى المؤسسة تقديم برامج الرعاية اللاحقة لشباب المؤسسة ذكورا وإناثا الذين تخرجوا من المؤسسة بسبب الزواج أو الاستقلال بالعمل، أو العودة للأسرة، وذلك عن طريق متابعتهم والإطمئنان على أحوالهم، ومساندتهم فى حال تعرضهم لمشكلات تعوق استمرارهم فى آداء دورهم الاجتماعى بالمجتمع، حتى تستقر أحوالهم المعيشية.تقوم المؤسسة بتقديم المساعدات المادية أو العينية أو المشورة اللازمة لهؤلاء الأبناء بحسب ظروف كل منه، وإمكانيات المؤسسة.إتاحة الفرصة للشباب الخريجين لزيارة المؤسسة والمشاركة فى المناسبات المختلفة مع الأطفال الملتحقين بها لتنمية الروابط الاجتماعية بينهم.يتم استقبال أبناء المؤسسة من الإناث اللائى تخرجن من المؤسسة، وذلك فى حالة حدوث ظروف اجتماعية تضطرهن إلى العودة للمؤسسة مثل الطلاق أو الهجر من الزوج وغيرها، على أن تتم مساعدتهن فى توفير وظائف لهن؛ كى يساهمن بجزء من الدخل فى تكاليف الإقامة، ومساعدتهن على حل مشكلات أبنائهن، كما يتم استقبال الأبناء الذكور أيضا فى حالة تعرضهم لظروف صعبة ويكون بناء على رغبتهم.
الدار تتخلى وترمى ابنتها للشارع
لم تستجب الدار لمطالبات إيمان بالعودة وقذفت بها للشارع، فحاولت أن تلجأ لمديرية التضامن الإجتماعى بالدقهلية، التى أودعتها فى مركز استضافة المرأة لمدة شهرين ونصف، خرجت بعدها إيمان للشارع مرة أخرى بسبب ضيقها من أسلوب الحياة بها، واستمرت مديرية التضامن الاجتماعى فى التخلى عن مسئوليتها تجاهها وتركتها لتلقى مصيرها المجهول، فاتجهت لقسم أول المنصورة لتطالب بحقها فى الإيواء فى محضر رقم 6018 إدارى قسم أول المنصورة لسنة 2019، ولكن دون جدوى، ولم يكن أمامها إلا أن تتسول الإقامة بضع ليال لدى أخواتها اللاتى تزوجن من الدار متنقلة ما بين المنصورة والإسكندرية، وفى النهاية لم تجد بدا من العودة للشارع؛ لتقضى يومها طوال النهار على الأرض أمام باب الدار؛ لتعطف زميلاتها عليها بلقيمات يقتسمنها معها، وتنام بمسجد الصادق الأمين حتى يغلق بابه فتتحرك للمبيت نحو الشارع من جديد.. وهكذا دواليك.
إيمان تستغيث: سيادة المحافظ الشارع لا يرحم
ودون الخوض فى تفاصيل مؤلمة؛ تستغيث إيمان بالدكتور كمال شاروبيم، محافظ الدقهلية، لإنقاذها وإيوائها فى الدار وتوفير فرصة عمل مناسبة تعينها على الاستمرار فى الحياة، وانتشالها من هذا المصير المروع بعد تخلى دار "ابنتى" لرعاية الأيتام، ومديرية التضامن عنها، والتنصل من المسئولية تجاهها، ضاربين عرض الحائط باللوائح والقوانين.