يحتفل الصينيون غدا الخميس ولمدة ثلاثة أيام بعيد دوانوو (قوارب التنين) الذى يوافق اليوم الخامس من الشهر الخامس وفقا للتقويم القمرى الصيني.
وتأتى احتفالات هذا العام وسط ظرف استثنائى بسبب تفشى مرض فيروس "كورونا الجديد" (كوفيد-19) الذى فرض على الحكومات المحلية فى الصين لاسيما العاصمة (بكين) تدابير احترازية مشددة، من بينها: عدم السماح للفنادق والمناطق السياحية باستقبال زوار من مناطق مصنفة متوسطة أو مرتفعة الخطورة أو القادمين من الخارج خلال 14 يوما، إلى جانب عدم السماح للمناطق السياحية بفتح أبواب منشآتها الداخلية، وقصر استقبال الزوار على المناطق المفتوحة فقط، مع إعطاء الأولوية للاحتفال من خلال أنشطة على الإنترنت.
ويعد مهرجان قوارب التنين أحد الأعياد أو المهرجانات الكبيرة التقليدية فى الصين، وواحدا من المهرجانات الصينية التقليدية الأربعة الكبرى بالإضافة إلى "عيد الربيع"، و"عيد تشينغ مينغ" (كنس القبور)، ومهرجان منتصف الخريف.
وتتمتع ثقافة مهرجان قوارب التنين بتأثير واسع فى العالم، حيث تحتفل به العديد من الدول والمناطق. ومنذ عام 2008، تم إدراج المهرجان باعتباره عطلة وطنية فى الصين، وأصبح بعد ذلك بعام أول مهرجان صينى يتم إدراجه فى القائمة التمثيلية لروائع التراث الثقافى غير المادية للبشرية.
ولمهرجان قوارب التنين تاريخ طويل يعود إلى أكثر من 2000 عام. وهناك روايات كثيرة حول مصدر هذا العيد، أهمها رواية إحياء ذكرى الشاعر "تشيوى يوان" الذى كان وزيرا وشاعرا كبيرا فى دويلة "تشو" إبان عهد الربيع والخريف (770-476 ق.م)، حيث دعا "يوان" إلى مواجهة ضغوط دويلة "تشين" الكبيرة ومقاومة اعتدائها على دويلته، ما وضعه فى مواجهة مع الأرستقراطيين فى البلاط الملكي، فأقاله الملك من منصبه ونفاه من العاصمة، فنظم فى منفاه قصائد "الشكوى" و"سؤال السماء" و"الأغانى التسع" وغيرها من القصائد المشهورة التى تركت تأثيرا كبيرا وممتدا.
وتقول الروايات إن الشاعر "يوان" ألقى بنفسه فى نهر "ميلو" فى اليوم الخامس من الشهر الخامس حسب التقويم الزراعى (القمري) الصينى بعد استيلاء دويلة "تشين" على عاصمة بلاده، وجاء أبناء دويلة "تشو" إلى شاطيء النهر يبحثون عنه بالقوارب، ولكى لا تأكله الأسماك كانوا يلقون كرات الأرز والبيض فى النهر، وصب طبيب مسن إناء من الخمر فى النهر لتسكر الحيوانات فى النهر فلا تؤذيه.
ومنذ ذلك الحين، ظهرت عادات سباق قوارب التنين وتناول طعام "تسونغ تسي" (كرات الأرز) وشرب خمر "شيونغهوانغ" فى اليوم الخامس من الشهر الخامس حسب التقويم الزراعى الصيني.
وتقيم مختلف المناطق الصينية فى عيد "دوانوو" سباق قوارب التنين الذى يؤكد على التعاون وقوة الجماعة فى تحقيق الفوز. وتطور هذا السباق حاليا إلى نوع من الرياضات المائية المتميزة بالتقاليد والعادات الشعبية والروح الرياضية الحديثة، فيما أدرج سباق قوارب التنين عام 1980 فى المهرجان الرياضى الوطنى الصيني.
وبالنسبة لعادات الطعام خلال عيد قوارب التنين، فيعتبر تقليد تناول طعام "تسونغ تسي" عادة قديمة فى الصين، حيث يصنع طعام "تسونغ تسي" من الأرز الذى يلف بأوراق نباتات على شكل مثلثات لتقدم قرابين للأجداد أو الآلهة لطرد الأرواح الشريرة، وطلب البركة.
وتقول الروايات الصينية إن أصل تقليد تناول هذا الطعام يعود إلى أنه خلال عهد أسرة هان الشرقية (22-55 ق.م)، رأى مواطن بوسط الصين روح الشاعر "تشيوى يوان" فى النهار، وأبلغ الأخير ذلك المواطن بأن المأكولات التى قدمها المواطنون لإحياء ذكراه سرقها تنين تحت المياه، وطلب "يوان" رمى المأكولات فى المستقبل بعد تغليفها بأوراق نباتات وربطها بخيط ذى خمسة ألوان لطرد التنين، ونقل المواطن هذه المطالب للمواطنين الذين فعلوا بدورهم ما طلبه منهم الشاعر "يوان" لإحياء ذكراه كل عام.