للأسف الشديد فقدت مدينة رشيد جانبًا من تراثها المهم وهو الوكالات التجارية، والتى كانت آخر وكالة شهدتها بها العام 1990م، هذا التراث ذكرنى به كتاب صدر عن منشأة المعارف بالإسكندرية مؤخرًا للأستاذ محمد الحلوجى الزهيرى الذى زاملته فى العمل لفترة بمنطقة آثار رشيد وهو من المحبين لتراث هذه المدينة.
الكتاب عنوانه "دراسات فى وكالات رشيد المندثرة من واقع الوثائق" قدم فيه معلومات وافية عن وكالات رشيد، ومنها وكالة سليمان باشا الخادم، اللتين كان يفصل بينهما ممر خاص كانت الصغرى فى الجنوب والكبرى إلى الشمال منها، يفصل بين الوكالتين ممر خاص عرف فيما بعد بشارع القبو، حيث إنه مسقوف من بدايته ونهايته بسقف عبارة عن قبو يحمل فوقه غرف، والدور الأرضى للوكالة الصغرى يضم 26 حاصلا لتخزين البضائع بينما يضم الطابق العلوى 21 غرفة لسكن التجار وأربعة أخرى بالركبة لها سلم خاص، أما الوكالة الكبرى فتضم 27 حاصلا وأربعة حوانيت على شارع السوق ورواقان كل واحد عبارة عن منزل مستقل واستخدم الطابق العلوى للسكن.
ومن وكالات رشيد التى ذكرها المؤلف وكالة داوود باشا الذى حكم مصر فى القرن 16م، هذه الوكالة تميزت بتعدد عناصرها من حواصل مختلفة الأبعاد فى الطابق الأرضى وحوانيت على الشارع وسبيل للمياه، بابين كبيرين أحدهما على الشارع والآخر على نهر النيل، والطابق العلوى عبارة عن غرف لإقامة الواردين على الوكالة.
وكالة عابدين، كانت واحدة من أكبر وكالات رشيد عرفت هذه الوكالة من قبل باسم العمدة وكانت قائمة قبل عام 1033ه- 1623م،ثم آلت ملكيتها إلى عابدين بك الذى قام بتوسعتها وإعادة ترميمها فصارت مستجدة العمارة والإنشاء وتقع هذه الوكالة قريبا من حمام عزوز الموجود الآن و مسجد زغلول جنوب رشيد.
تعتبر وكالة عابدين بك من الوكالات الضخمة لما تحتويه من عناصر مختلفة سواء حواصل أو حوانيت وغرف للمبيت وتحتوى على جناح خاص فى الجهة الجنوبية أطلقت عليه القصر وهو مكون من ثلاثة أدوار، دور أرضى يعلوه طابقان وله مدخل مستقل من الناحية الجنوبية وليس له علاقة بالوكالة.
ولها بوابتان رئيسيتان فى الجهة الشمالية والأخرى جهة الجنوب ويخدم الدور العلوى فى هذه الوكالة أربعة سلالم اثنان منهما فى الأركان الشمالية الشرقية والشمالية الغربية أما الاثنان الباقيان فقد تم وضعهما فى المنطقة المزدحمة بالغرب فى الجهة الشمالية أحدها يمين البوابة الشمالية والآخر يسار البوابة.
ونظرا لتعدد الغرف وحتى تم الدخول والخروج من هذه المنطقة بسهولة ويسر فقد استخدم المعمارى عمود من الجرانيت الأحمر أمام السلم يمين البوابة و استخدم عمود من الرخام الأبيض أمام السلم الآخر يسار البوابة لتكون علامات مميزة حتى لا يضل النزلاء الطريق وهى حيلة بسيطة ولكنها تؤدى الغرض بصورة جيدة.
ومن الملاحظات الهامة أيضًا هو وضع سبيل الشرب فى مركز الوكالة أى فى وسط الصحن ليكون فى متناول من بالداخل أولا ثم من هم فى الخارج ويحيط الصحن هذه الوكالة من الداخل أقواس وعقود أعلا الأكتاف الحاملة للدور العلوى فى نظام بديع وكما هو شائع فى مثال هذه الوكالات.
وصف الوكالة
الدور الأرضي
من الخارج على الشارع الشمالى يوجد ثلاثة عشر حانوتا منها سبعة يمين البوابة وستة فى اليسار.
ومن الخارج أيضا على الشارع الشرقى يوجد خمسة حوانيت فيكون مجموع الحوانيت الخارجية ثمانية عشر حانوتا.
ومن الخارج على الشارع الجنوبى يوجد بيت القهوة المطل على النيل.
ومن الداخل فى الناحية الشمالية يوجد ثلاثة عشر حاصلا منها سبعة حواصل يمين البوابة وستة حواصل فى اليسار.
ومن الداخل فى الجهة الشرقية يوجد أربعة حواصل.
ومن الداخل أيضا فى الجهة الغربية يوجد أربعة حواصل أخرى كما يوجد ثلاثة حواصل فى الجهة الجنوبية وجميعها تطل على الساحة الداخلية ويكون مجموعها أربعة وعشرون حاصلا.
وتوجد مساحات أخرى ربما يكون استغلالها كغرف مبيت أو خدمات.
الدور الأول العلوي
يتكون الدور الأول العلوى بهذه الوكالة من عدد من الحجرات تبلغ ثمانية وثلاثون حجرة تم توزيعها بحيث ترتبط بالدور الأرضى كالآتي:
بالجهة الشمالية تم عمل ممر أوسط أو طرقة وسطى فيما يعرف فى الوثائق بالمجاز الطولى فتم توزيع ثلاثة عشرة حجرة على الشارع الشمالى وثلاثة عشرة أخرى تطل على الساحة الداخلية وبذا يبلغ عدد حجرات هذه المنطقة ستة وعشرون حجرة يخدمها السلمان يمين ويسار البوابة الشمالية حيث يتم الوصول إليهما من الساحة الداخلية ثم إلى هذه الطرقة مباشرة.
وفى الجهة الشرقية توجد أربعة حجرات.
وفى الجهة الغربية توجد أربعة أخرى كذلك يوجد أربعة حجرات فى المنطقة الجنوبية.
فيكون إجمالى الحجرات أو السكنات بهذا الدور ثمانية وثلاثون حجرة كاملة المرافق والخدمات.
