د.أحمد نبوى يكتب: "جمهرة أعلام الأزهر الشريف" نقطة فارقة فى تاريخنا الوطنى

صدر، منذ أيام قليلة، الكتاب الموسوعى الكبير "جمهرة أعلام الأزهر الشريف فى القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين"، للعالم الجليل فضيلة الدكتور أسامة الأزهرى، فى عشرة أجزاء كبار، عن مكتبة الإسكندرية. إن هذا الكتاب الضخم الموسوعى، هو أكبر عمل عن الأزهر الشريف عبر تاريخه الممتد، ونقطة فارقة فى تاريخنا الأزهرى والوطنى، ويمثل إحياءً حقيقيا للأزهر الشريف؛ تاريخا ومنهجا، وبَعْثًا لخبايا أنظمة تعليمه العريقة والحافلة بكل مهاراتها وأعرافها، وهو بحق مشتمل على آليات ووسائل التجديد الدينى الأزهرى الذى ننشده جميعًا، وهو جدير بأن تنشأ على ضفافه عشرات المشاريع العلمية النهضوية لأزهرنا ووطننا وأمتنا. ويحتوى الكتاب على أكثر من (2500) ألفين وخمس مئة ترجمة (سيرة ذاتية) لعلماء الأزهر الشريف من سنة 1300هـ/ 1882م، إلى سنة 1439هـ/ 2018م. والذى يجب لفت انتباه السادة القراء إليه أن الكتاب ليس مجردَ سردِ سِيرٍ لحيَوَات الأعلام الأزهريين، بل هو - بالإضافة لذلك - حافل بالفوائد، مشحون بالمسائل والقضايا والفرائد، التى نثرها المؤلف فى أثناء التراجِم، حتى إنه خصص المجلد الأول لمقدمة الكتاب التى حشدها بالمسائل والبحوث المهمة، كبيان معالم العملية التعليمية فى الأزهر الشريف، وأسباب تراجع حركة العلم فى مدارس مصر عموما وفى الأزهر الشريف خصوصًا، وشرح المنهج الأزهرى بتوضيح: حقيقته، وأصوله، ومكوناته، ومعالمه، وبيان سمات وخصائص الشخصية الأزهرية، ومن هو الأزهرى بالمعنى المطابقى الصحيح، وأن رسالة الأزهر ومهمته الأولى، هى: صناعة العقول، وبناء الإنسان، وعلاقة العلماء بالحكام فى ضوء مسار تاريخ الأزهر ورجاله، وبيان أن المفتاح الحقيقى لنجاح الأزهر وعلمائه، وأثرهم الحميد فى الأمم والشعوب يرجع إلى بناء الثقة، وأن الأزهر الشريف من أبرز صور تحويل آيات القرآن الكريم إلى برنامج عمل. أما بقية الكتاب فقد اشتمل – كما ذكرت سابقا- على تراجم العلماء وسيرهم، وفى أثناء هذه التراجم تناول المؤلف عددًا مهما جدًا من البحوث والمسائل والقضايا المحورية أذكر منها ما يلى: -بيان أثر علماء الأزهر فى المجتمع المصرى، وأنهم المكوّن الأهمُّ فى صناعة الشخصية المصرية، وفى بناء الإنسان المصرى، وأنهم دائما (لسان الميزان)، الذى يحمى المجتمع من الوقوع فى براثن التكفير والتفجير، أو السقوطِ فى مهاوى التحلل والإباحية، فحافظ المجتمع المصرى على هذا الاتزان طَوالَ تاريخه، بفضل وجود الأزهر فى مصرَ الكنانة. -بيان النفوذ الكبير الذى صنعه الأزهر فى قلب القارة الأفريقية، عن طريق إرسال البَعَثات العلمية إلى هناك -بيان الأثر الكبير الذى تركه علماء الأزهر فى العالم، وخاصة فى أمريكا وأوربا، ومساهمتُهم فى صناعة الحضارة، ونشر الأمان، واستقرارِ المجتمعات التى نزلوا فيها، ونجاحُهم فى نسج عَلاقات رفيعة مع الملوك فمن دونهم، والقدرةُ على تقديم الإسلام بصورة منيرة تليق به، وبناءِ جسور مع الأمم والحضارات الأخرى. -صان المؤلفُ (كتابه) عن ذكر كل من طرأ عليه ما جعله يتنكّب المنهج الأزهرى، وينخلع منه، وينظر له بعين الازدراء، أو يعدل عنه إلى المناهج الفكرية المتطرفة، التى ربما ضلّل بعضُ أفرادها الأزهرَ ومناهجَه؛ فصارت هذه (الجمهرة) بما حوته من ألوف العلماء الأزهريين (الخلّص)، الذين لم تتعكر مشاربهم، ولم تتشوّش مناهجهم: أكبرَ دليل على أن ما روّجت له التيارات والجماعات فى الثمانين سنة الأخيرة، من أنها حامية حمى الدين، وأنهم الحراس (الوحيدون) القائمون على حفظ الشريعة، أن ذلك كله (كذبة كبرى) عاشوا عليها، وحاولوا إيهام الأغرار ضعاف العقول بها، حتى يقعوا فى براثينهم وشراكهم، وإن الذى يقلّب نظره اليوم فى (فهرس الجمهرة) فقط، ليهلوله هذه الأعدادُ الهادرة، والجموعُ الحاشدة، من الأولياء والعلماء والصالحين والأتقياء، الذين ما عرفوا إلا مسلكا واحدا، ومشربا وحيدًا، وردوه وردوه ونهلوا منه جميعا: هو المنهج الأزهرى. -مناقشة ونقض فكر حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، مناقشة علمية فكرية تاريخية مجردة، فى غاية القوة والرصانة، بما لا تجده فى غير هذا الكتاب، وبيان السمات الخاصة لهذا التيار وما تولد عنه من تيارات وجماعات، ومقارنة ذلك بما شيده وبناه المنهج العلمى الأزهرى فى نفوس الناس وعقولهم، من خلال علمائه وطلابه، وانظر ذلك فى ترجمة الشيخ يوسف الدجوى، سنة 1365هـ. -بيان أن علاقة علماء الأزهر بالمجتمع كان أساسها هو الثقةُ المتبادلة، وأنه قد ظل هذا ساريًا حتى جاءت فترة التيارات الإسلامية ابتداء من سنة 1928م، فى ترجمة حسن باشا عبد الرازق، سنة 1325ه. -لمحة عن منهج الأزهر فى استيعاب الطلبة ذوى الاحتياجات الخاصة، فى ترجمة الشيخ مصطفى السفطى، سنة 1326هـ. -لمحة مهمة عن تاريخ تعليم المرأة فى الأزهر، فى ترجمة الشيخة فاطمة العوضية سنة 1328هـ. - وضع المؤلف خطوة أولية لنسترد بها كل عالم أو رمزٍ تدّعى جماعة الإخوان أو التياراتُ السلفية المتشددة أنه منهم لإيهام الناس بذلك؛ مثال ذلك: الشيخ محمود خطاب السبكي، سنة 1352هـ، والشيخ عز الدين القسام، سنة 1354هـ، والشيخ محمد الأودن، سنة 1387هـ. أو الذين كان انضمامُهم للإخوان مجردَ مرحلة زمنية عبروا عليها، وسَلِموا من شرها؛ فقدّموا مصالح الدين والوطن العليا، على المصلحة الجماعاتية الضيقة؛ مثال ذلك: الشيخ أحمد الشَّرَباصي، سنة 1400هـ، والشيخ أحمد حسن الباقوري، سنة 1405هـ، والشيخ محمد الغزالي، سنة 1416هـ. - الكلام على قضية التجديد، والكتب التى أُلّفت فى المجددين، ومناهجهم، وكيفية تفاعلهم مع مشكلات عصرهم، كما فى ترجمة الشيخ عبد الله بن الصديق الغمارى، سنة 1413هـ، كما وضع المؤلف خطة شاملة لإصلاح التعليم فى المعاهد الأزهرية.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;