طارق الطيب: رواية "وأطوف عاريا" رصدت أشكال عنصرية النمسا ضد البشرة السوداء

قال الكاتب السودانى المصرى طارق الطيب، إن رواية "وأطوف عاريا" رصدت عبر أحداثها وضع الأفارقة اللاجئين حديثا إلى أوروبا، وبالأخص إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، من خلال أحداث قوارب الموت، وكيف تتم معاملة هؤلاء الأفارقة فى بلادهم قبل الانتقال ثم داخل معسكرات اللجوء الأوروبية فى عصرنا الحديث. جاء ذلك خلال كلمة الكاتب السودانى المصرى طارق الطيب، المعنونة بـ"قضايا البشرة السوداء فى رواية وأطوف عاريا"، ضمن جلسات ملتقى تونس للرواية العربية، فى دورته الثانية، والذى يعقد تحت شعار "قضايا البشرة السوداء"، فى مدينة الثقافة، فى العاصمة التونسية. وأشار طارق الطبيب، إلى أن "قضايا البشرة السوداء" فى رواية "وأطوف عاريا"، والصادرة مؤخرا عن دار العين للنشر، فى القاهرة، تم رصدها فى نقاط بارزة، حيث تم التركيز على الأربع نقاط الأساسية التى شملت 3 أشخاص فى الرواية، ثم "الكتاب داخل الكتاب" الذى يؤيد الأحداث من القرن الماضى ويؤرخ لحالة فريدة من مجتمع أوروبى بعيد عنا نسبيا فيما يتعلق بأحداثه الاجتماعية الكثيرة، والتى خصص فيها صورة الأسود عن قرب داخل هذه المجتمعات. وأوضح طارق الطبيب أن ثمة أربعة جدران تشكل بيت رواية "وأوطوف عاريا"، ثلاثة منها لشخصيات سوداء وجدت داخل قلب أوروبا، وتحديدا داخل دولة النمسا، هى: "مينا" بطل الرواية الرئيسى، وهو من أصول أفريقية، و"مانويل" النمساوى المولود فى النمسا، ذو الأب الأفريقى والأم النمساوية، والشخصية الثالثة هى شخصية حقيقية رغم ظهورها بشكل خرافى وأسطورى، وهو "أﻧجيلو سوليمان" المولود فى العام 1721 فى نيجيريا، والمتوفى فى العام 1796 فى فينا، وأخيرا فى سياق هذه الشخصيات الثلاث، يتداخ لكتاب ألمانيشهير، هو كتاب قصص أطفال باللغة الألمانية، واسـمه "الزنوج العشرة الصغار" [Zehn kleine Negerlein]. كما أشار طارق الطبيب إلى أنه "إذا كنت أسود اللون فى النمسا، ونطقت بعض الجمل بألمانية واضحة وصحيحة أمام أهل البلد، فقد يتعجب منك البعض ويوجه لك هذا السؤال الغريب المتكرر بصيغة الاحترام الجمعى فى لغتهم، هكذا: "أنتم تتكلمون الألمانية لكن بشكل جيد جدا! لكن من أين أنتم؟!". وتابع طارق الطيب: لاحظ أن (لكن) الاستدراكية المتكررة هنا ترى وتسمع شيئا مخالفا -من المتحدث- لما فى ذهن السائلين. (لكن) هذه هى هذا التوكيد الضرورى لعلامة السؤال والتعجب فى آن. هذا سؤال لا يجوز طرحه على أسود فى أمريكا أو فى بريطانيا أو حتى فى فرنسا، أما فى الدول الناطقة بالألمانية مثل ألمانيا والنمسا وسويسرا، أو بعض الدول التى ليس لها تاريخ كولونيالى فى أفريقيا؛ فسيبدو هذا السؤال مستساغا أو مقبولا أو على الأقلقابلا للطرح. وأكمل طارق الطيب أنه "فى سنواتى الأولى فى فيينا، وتحديدا فى العام 1984، اشتريت ذات يوم قالبا من الشيكولاتة من السوبر ماركت. كان عليه صورة لطفلة سوداء ترتدى أنشوطة حمراء وقرطا فستقى اللون، وعقدا باللون نفسه، كان اسم القالب "نيغر بروت Negerbrot"، فى البداية لم أنتبه لمعنى الكلمة لأنى قرأتها بشكل خاطئ "نيغرب روت Negerb rot" ظانا أن لها علاقة باللون الأحمر (rot)، ثم اتضح لى معناها فيما بعد وهو: "خبز العبيد" أو"عيش العبد"، وهو نوع من الشيكولاتة الممزوجة بالفول السودانى. وتابع صاحب رواية "وأطوف عاريا": سنوات طويلة مرت حتى منع هذا الاسم العنصرى البغيض ورفع من المنتج وسمى باسم آخر. رغم ذلك ما زالت توجد حتى اليوم بعض الوجبات النمساوية المسماة بأسماء عنصرية، مثل "مور إم همد Mohr im Hemd"، ومعناها: "أسود فى قميص"، وهو اسم وجبة نمساوية من الحلويات. وأوضح طارق الطبيب أن النقاش والجدل ما زال مستمرا منذ وقت طويل حول التمييز العنصرى المحمول فى هذا الاسم "مور Mohr " والمحاولات البطيئة جارية من أجل اختراع اسم جديد مقبول له. المؤيدون لتغيير اسم (مور) يرون فيه تحقيرا وإهانة ورافضو التغيير يرون أن الكلمة تاريخية فنية، ويرجعون القول بها إلى مسرحية "عطيل Othello " التراجيدية للكاتب الإنجليزى ويليام شكسبير. وأشار طارق الطيب إلى أن "المور" بالألمانية مصطلح يطلق على الأسود، وقديما كان يطلق على كل سكان شمال أفريقيا، خصوصا المنطقة المغربية، منطقة التماس مع أوروبا. كما أشار طارق الطبيب إلى أن ثمة كلمات عنصرية مستعملة فى لغة النمساويين المنطوقة والمكتوبة حتى اليوم، مثل: كلمة (تسيجوينر Zigeuner) وتعنى: غجر؛ أو كلمة (تشوش Tschusch) وتعنى: كل من هو من أصل سلافى، وتطلق للتحقير؛ و(كاناكه Kanake) وتعنى: كل من هو من أصل تركى، وتطلق للإذلال؛ وكلمة (نيجر Neger) وتعنى: زنجى، وتطلق للإهانة؛ و(نيجر كونيج Negerkönig) وهو اسم ملك الزنوج الذى كان يوجد فى قصة للأطفال، وقدحول الاسم حديثا إلى (زود سيه كونيج Südseekönig)؛ أى ملك بحر الجنوب؛ إضافة إلى ما ذكر سابقا (مور إم همد Mohr im Hemd) و(نيجر بروت Negerbrot) على سبيل المثال. جدير بالذكر، أن طارق الطيب، أديب سودانى، يقيم فى فيينا، من مواليد القاهرة، نشر له حتى الآن أربعة عشر كتابا، ترجمت كتبه إلى العديد من اللغات مثل الألمانية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية وغيرها، كما شارك فى العديد من المهرجانات والملتقيات العالمية فى أكثر من فى 27 دولة حول العالم، وصدر له مؤخرا رواية "وأطوف عاريا"، عن دار العين، القاهرة 2018.












الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;