من بين الحكايات فى تاريخ مصر، نذكر الخديوى توفيق الابن الأكبر للخديوى إسماعيل بن إبراهيم باشا بن محمد على، من شفق هانم وهى جارية كان يمتلكها إسماعيل ولم يعترف بها زوجة شرعية إلا عند الاحتفال بقناة السويس.
وتمر اليوم ذكرى تولى الأمير محمد توفيق، بن الخديوى إسماعيل، عرش مصر، وذلك فى 26 يونيو عام 1879، بعد فرمان السلطان العثمانى بخلع والده من حكم البلاد.
ويذكر عدد من المؤرخين أن علاقة الابن بأبيه، كانت متوترة منذ البداية، كونه أكبر أبنائه، ورأى كيف تعامل والده مع أمه، بجانب تعدد زوجاته، فتأثر الابن من معاملة والده، وكان يراها غير مريحة، ويذكر البعض الآخر أن إسماعيل كان يحمل غضاغضة ضد ابنه الأكبر، حتى أنه عند وفاة الأخير استقبل "إسماعيل" الخبر بصمت وبرود، لكن هل كان لتوفيق يد فى عزل والده، وهل تآمر من أجل إبعاده عن السلطة، أم أن توتر العلاقة بينهم كان على المستوى الأسرى ولم يفكر توفيق فى مثل هذه التصرف.
بحسب كتاب "أحمد عرابى: الزعيم المفترى عليه" للكاتب محمود الخفيف، إن فى نهاية فترة حكم إسماعيل كان توفيق يتظاهر بالتعاطف مع الحركة الوطنية، ثم جاء عزل إسماعيل بضغوط الدول على السلطان بعد أن خشيت من تقربه للحركة الوطنية، ويصف لنا الدكتور محمد حسين هيكل، كيف تلقى توفيق خبر عزل أبوه اوانتقال عرش مصر إليه، فيقول: أن توفيق باشا فوجئ بالخبر وفزع له حتى لقد قابل موظف قصره الذى أبلغه أسوأ مقابله بأن صفعه، وذلك لأنه شعر من ذلك الحين بأن التركة التى ألت إليه أعباؤها هى تركة مبهظة مخوفة.
أما الأديب الكبير الراحل مكاوى سعيد، فيذكر فى كتابه الأخير "القاهرة ومافيها حكايات، أمكنة، أزمنة" أن توفيق لم يخضع لأى مؤامرة ورفض الانخراط فى أى عمل ضد والده، وعندما كان وصيا على العرش أثناء زيارة إسماعيل إلى أوروبا تلقى خطابا من أحد الوزراء يعرض عليه خدمات القوات البرية والبحرية بإغراق إسماعيل فى ميناء الإسكندرية، لكنه رفض.
ويذكر أنه أثناء الاحتفالات الرسمية لم يكن المسئولون يعاملون بلطف، وكانوا يتركونه لساعتين حتى يعلنوا اسمه، حتى إنه أثناء زواجه أراد والده تقليص المراسم، لكن رياض باشا كان حاسما فى هذا الأمر، ونجح بعد عناء شديد، فى اتخاذ الإجراءات اللازمة اللائقة بحفل زفاف الأمير والأميرة وقال أحد النظار لتوفيق ساخرا: "يا أمير! سيرسلك والدك مكبلا بأغلال من حديد إلى السودان فى القريب العاجل إذا لم تتصرف بشكل لائق"، فأجاب توفيق قائلا :"إنه والدى وولى نعمتى ويمكنه أن يلقى بى فى النهر إذا أراد ذلك".
ويضيف "سعيد" على لسان "توفيق": عندما توليت العرش تلقيت الخبر دون الشعور بأى فرحة، فتعاطفى مع والدى وإحساسى الكبير بالمسئولية لم يترك لى مجالا للبهجة، وبالطبع ألقى والدى باللائمة على واتهمنى بالتآمر عليه، وأننى أفلحت فيما خططت له، وعندئذ أخرجت له الرسائل التى بعث بها الوزير يعرض فيها مساعدة الجيش، وعندما قرأها والدى تأثر بشدة وعانقنى قائلا: "سامحنى يابنى".