تمر اليوم ذكرى رحيل أحد المعلمين الكبار فى عالم الرواية العربية، هو الأديب الكبير خيرى شلبي الذى رحل فى 9 سبتمبر من عام 2011، والذي استطاع أن يبدع الكثير من الأعمال المهمة فى تاريخ السرد المصري والعربي، لكن تظل رواية وكالة عطية ذات طابع خاص فى سلسلة إبداع خيري شلبي.
تحكى الرواية عن طالب متفوق في معهد المعلمين بدمنهورــ لكن اعتداءه على مدرسه تسبب في طرده من المعهد وسقوطه إلى العالم السفلى "وكالة عطية" مأوى المهمشين والصعاليك والأشقياء فى المدينة.
حصلت الرواية على جائزة ميدالية نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2003، وصدرت بالإنجليزية عام 2007.
جانب مهم فى الرواية أن خيري شلبي يوهمك خلال العمل أنه يكتب جانبا من سيرته الشخصية، وأن الطالب الذى ألقت به الأقدار بين يدي الشوادفى ورجاله فى الوكالة الغريبة هو نفسه "خيرى شلبي" فى مرحلة من حياته.
أما المكان فسحري تماما حيث جاء على غلاف الرواية "على ربوة عالية خارج مدينة دمنهور تفاجئنا أسوار هذه الوكالة الرهيبة كالقصر المسحور، مغلقة الأبواب، معتمة، تدخلها فلا تلبث أن تنجذب بقوة لا تقاوم إلى أعماق عالمها السفلى، الذي يمور بحيوات الفقراء والغواني والمدمنين والفاشلين والمظلومين، نفوس جواهر تعيش جنباً إلى جنب، وتتشابك أقدارها في نسيج روائي محكم يعكس فترة من أحلك فترات الفقر والضياع في مصر وأوجاعها".
عالم متكامل من الغرابة، من الشخصيات الغرائبية والكائنات التى تبدأ حياتها فى الليل فقط، وقدر كبير من العلاقات الاجتماعية المتشعبة داخل أحداث الرواية.
ومن أجواء الرواية:
رأيتني أستسلم لنوم عميق لم أعهده في حياتي من قبل حتى على الفراش الوثير. ثم رأيتني أمشي متسكعاً بمزاج رائق وبلا أدنى خوف داخل غابة كثيفة الأشجار لا أول لها ولا آخر. وكانت الذئاب والثعالب والسباع والنمور نائمة تتثاءب في ملل غير عابئة بخطواتي النشوانة الحمقاء. وكان يبدو أنني أعرف كل هذه الوحوش معرفة شخصية وأنها هي الأخرى تعرفني حق المعرفة وأن بيننا وداً قديماً لعله رابطة البحث عن لقمة في النهار ومأوى في آخر الليل.