أيمن غالى يكتب: فات الميعاد – مونودراما إجتماعية تتناول نكران جميل الأخ

ضمن فعاليات مهرجان مفيولا للمونودراما والديو دراما لفرق الهواة المقام على مسرح رومانس فى الفترة من 27 الى 29 يناير قدمت فرقة "تاون تيم" مونودراما "فات الميعاد" ، تأليف : هاني مهران ، بطولة وإخراج : مهاب حماد . داخل ورشة لإصلاح الاحذية يبدأ عوض الإسكافى فى الحوار مع الأحذية التى يصلحها ومدى تشابه كل حذاء مع طبيعة صاحبه ، إلى أن يصل الى حذاء أخيه الدكتور عبدالله فيصفه بأنه "الناكر للجميل" والذى لم يزره منذ ان فتح عيادته وهو الذى ضحى بتعليمه وورث صنعة اصلاح الأحذية عن والده وتفرغ للعمل فى الورشة كى يستطيع ان يصرف على إخوته فى تعليمهم وزواجهم بعد وفاة أبيهم لكنه فى النهاية يجد نفسه وحيدا فى ورشته ومنزله بالدور الاول الذى تطفح حوله المجارى فيتعالى اخوه عن زيارته بسبب تلك المجارى خشية ان يراه احد مرضاه او معارفه فيعرف انه ابن اسكافى واخو اسكافى ، فيعانى من الوحدة ونكران الجميل واستكبار اخيه عليه . اولا على مستوى بنية النص وحبكته الدرامية موضوعيا تناول النص موضوع نكران الأخ لجميل أخيه الدكتورالذى ضحى لكى يستطيع الصرف عليه فى تعليمه وزواج اخته ولم يوضح النص أسباب ذلك النكران ولا دوافعه الخاصة وهل كان بسبب طبيعة أخيه ام بسبب تربية ابيه له وتمييزه عن اخوته مثلا او اى سبب آخر ، وبالتالى انسحب هذا النكران على كل دكتور انه ناكر للجميل لمجرد انه دكتور او إرتقى إجتماعيا وهذا منطق غير سليم وغير محكم فى بناء قضية العرض بناء منطقيا وبالتالى كانت بنية النص بنية ضعيفة وسطحية ، فلم يتجاوز النص وظيفة الوصف العابر للقضية دون اى سببية او تدافع احداث او ترابط منطقى للأفكار . غلب على النص المكتوب أسلوب الحكى من خلال مونولوج ذاتى للشخصية حيث يتحاور مع نفسه حوارا ذاتيا عن اصحاب الاحذية ويتحاور مع الجمهور عن علاقته بأخيه وعلاقتهما بأبيهما ، ولولا تدخل المخرج بتحويل أجزاء من ذلك المونولوج الى حالة المسرحة بخلق حوار ثنائى بين الشخصية وبين الأحذية فتحولت الاحذية الى حالة الحضور المسرحى الحدثى كمعادل فنى لإستحضار شخصيات أصحابها ، وأيضا تدخل المخرج بتقمص الاسكافى لشخصيات وردت فى النص مثل الاستاذ فهمى صاحب احد الاحذية ومثل الاب ومثل الاخ الدكتور وبذلك ايضا كسر حدة الحكى فى النص وتحويله الى تجسيد حدثى مما خلق تنوعا صوتيا "بوليفونية" خلال العرض مما أضاف طاقة حيوية مسرحية للحوار وللعرض . كثف العرض قضيته ورؤيته الفنية وفق المنهج الواقعى المنعكس فى تصميم الديكور "ورشة الاحذية بكل محتوياتها من ماكينة الخياطة والارفف والاحذية " وفى واقعية الأداء التمثيلي وتصميم الحركة والإضاءة ، لم تتجاوز مدة العرض 10 دقائق فدخل العرض مباشرة فى صلب قضيته بسلاسة وبساطة موضوعية وهو سلاح ذو حَدّين فالتكثيف الموضوعى رغم انه احد ملامح قوة العرض إلا أنه لم يعطِ المساحة الكافية لحراك المتلقى وجدانيا تجاه الشخصية ولم يتعمق فى رصد الإنعكاسات والتحولات النفسية لها وإنما تناولها بشكل اقرب للمرور الوصفى العابر . وفى المنهج الواقعى يكون الممثل هو الركيزة الأهم والدافع الاقوى للحالة المسرحية ، فبدأ الممثل بإضافة مسحة كوميدية على أدائه التمثيلى مما سهل لدى المتلقى تقبله ودخوله السريع فى الموضوع . وقد امعن الممثل (وهو نفسه المخرج) فى الاداء الواقعى من خلال الاكل والشرب اثناء حديثه فى الورشه مع الاحذية مما خلق نوعا من الحميمية بين الخشبة والصالة . وتدرج الاداء التمثيلى انفعاليا بداية من علاقته بالمكان ثم علاقته بالأحذية ومنها إلى علاقته بأصحاب الأحذية ثم الى قضيته الشخصية فى علاقته بأخيه وتنكره له وازمته النفسية مع العالم من هذه الزاوية فبدأ الممثل فى الدخول لمنهج الواقعية السيكلوجية نسبيا . فجاء مجمل الاداء التمثيلى معبرا عن الشخصية والموقف والموضوع بأداء متزن متدرج فى تصاعده الانفعالى الواقعى وساعده فى ذلك قصر وقت العرض . ومن المعروف ان المنهج الواقعى حتى فى اتجاهه السيكلوجى له حدوده وقيوده فى التعبير عن الحالة النفسية للشخصية بكل زواياها خصوصا فى عروض المونودراما التى غالبا ما تنطلق من الحالة الشعورية النفسية الذاتية للشخصية وتشكل الإطار الرئيسى الذى تدور في فلكه المونودراما وبالتالى كان الإلتزام بهذا المنهج طوال العرض مقيدا لثراء وعمق الحالة المسرحية موضوعيا وفنيا. وتقيدت خطوط الحركة وفق المنهج الواقعى فى خطوط بسيطة هادئة بطيئة خالية من الدلالة تقريبا وساعد فى تقييد الحركة تصميم الديكور الذى اختزل عمق الفراغ المسرحى فى مكعب (حيث اصر الديكور على بناء محل الورشة من اربعة جدران وسقف صندوقى على المسرح) لتجسيد ورشة الأحذية بدون داعى ولا مبرر ولا إضافة بصرية او موضوعية فضَيّق مساحات الحركة على الممثل وألغى عمق المسرح تقريبا بلا داعى ، وقد ادى ذلك الى ان العرض كان على وشك ان يترهل إيقاعه الحركى لولا لجوء الممثل الى زيادة شحنة احساسه الانفعالى لتعويض هذا النقص الحركى . وإلتزمت الإضاءة المسرحية بوظيفة الإنارة الواقعية وهو إلتزام منهجى يحسب للمخرج لكنه لم يخلق خصوصية للحالات والتحولات الشعورية المختلفة للشخصية وفقا لمسارها النفسى وبالتالى افقد العرض موضوعيا وفنيا "بصريا" ابعادا هامة كان من الممكن اضافتها للعرض . وهنا خسر العرض فنيا لصالح الإلتزام بالمنهج . ففى المجمل جاء العرض موضوعيا سطحيا غير محكم البناء وفنيا مقبول المستوى ، رغم المجهود المشكور من فرقة مسرحية من الهواة يحسب لهم إجتهادهم وصدق المحاولة وجديتها رغم معاناة الانتاج الذاتى . ونتمنى ان نرى لهم اعمالا قادمة اكثر نضجا ووعيا فنيا فهم مازالوا فى مقتبل مشوارهم الفنى لذا حاولنا فى هذا المقال ان نلقى الضوء لهم على نقاط قوتهم وضعفهم آملين ان يكون مقالنا هذا إفادة وإضافة لهم فيما بعد .










الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;