روميو والعاطفى والمهرج والعصبى.. تعرف على جمهور سيدة الغناء العربى

شتان بين ذلك اليوم الذى وقفت فيه لأول مرة أغنى فى حفلة عامة فى القاهرة عام 1925 وهذه الأيام، كنت فى ذلك اليوم أحس أننى أقف أمام لجنة امتحان، وصحيح أننى كنت كالتلميذة التى حفظت دوروسها (صم)، لكن كان هناك دائما شعور بالخوف من جمهور المستمعين، حتى أننى لم أنم من تلك الليلة بعد أن انتهت الحفلة على خير ما يرام، هكذا قالت سيدة الغناء العربىأم كلثوم، فى إحدى مقالاتها بمجلة الكواكب. وأوضحت أم كلثوم حسب ما جاء فى كتاب "مذكرات أم كلثوم" للكاتب محمد شعير، أنه على مر الأيام والحفلات صرت أجد لذة كبرى فى الوقوف أمام الجمهور، وانقلب الأمر فأصبحت أشعر وكأننى مدرسة والمستمعين هم التلاميذ، وأننى لأجد متعة طيبة فى أن أراقب الجمهور الذى يستمع إلى، وأدرس بعض شخصياته النادرة الطباع، وكأننى أشاهد فيلمًا مسليًا، ومن هؤلاء الذين أتسلى بمراقبتهم فى أثناء حفلاتى الغنائية.. روميو وهو شخص رقيق جدًا، ما أكاد أبدأ الأغنية حتى يضع يده على خده، ثم يستمع إلى فى شرود عميق، وبين كل مقطع وآخر يرتفع صدره وينخفض فى تنهيدة تعبر عن مبلغ أساه، وأراه سابحًا فى الفكر والتنهيدات، ثم يفيق فجأة حين يسمع تصفيق المستمعين، ليشاركهم التصفيق، وأحيانًا أرى هذا المستمع "الروميو" جالسًا إلى جانب "جوليت" وعندئذ يضيف إلى ما يفعله بعض النظرات يصوبها إليها بين حين وآخر. العاطفية هى إنسانة أراها تجلس فى مقعدها قبل أن أبدأ الغناء وقد راحت تصلح من توابيت وجهها، وبعد قليل أجدها وأنا فى عز الأغنية قد أخرجت منديلا من حقيبتها وراحت تجفف دموعها، وتفرح إذا كانت عبارات الأغنية مفرحة، وتبكى إذا كانت عباراتها تصف لوعة الهجر وطول الحرمان. العصبى هذا المستمع كثيرًا ما يضحكنى بتصرفاته، فهو عادة يكون هادئًا جدًا قبل أن أغنى، ثم يطرب فتهتاج أعصابه ويصيح بين كل مقطع وآخر بكلمات "أعد" و"كمان يا ست"، ولا يكتفى بذلك بل يتنطط على مقعدة من فرط النشوة ولا يبدى إعجابه بالتصفيق كغيره، بل يقذف بطربوشة فى الهواء، أذكر أننى لاحظت فى إحدى الحفلات أن هذا المتفرج حضر حاسر الرأس بغير طربوش فقلت فى نفسى "الحمد لله فلن يكون هناك طرابيش تقفز فى الهواء"، لكن ما أن أنهيت أحد مقاطع الأغنية، حتى رأيت صاحبنا يختطف طربوش جاره ثم يقذف به فى الهواء. البطانة فهذا المستمع لا يتلذذ بالاستماع لى إلا وهو يردد معى الأغنية الى أغنيها، وليست أدرى لماذا.. أهو يتدرب على الغناء؟، أم أنه لا يطرب من صوتى وحده؟ وفى بعض الأحيان أجد تسلية لطيفة فى مشاهدة هذا المستمع وهو يتمايل يمينًا وشمالا وقد تقلصت عضلات وجهه، وبرزت عروق رقبته، وهو يحاول أن يمشى معى فى الغناء. المهرج أكاد أشك فى أنه يحضر حفلاتى ليستمع إلى غنائى أكثر من رغبته فى أن يثير حوله انتباه الناس، إن هذا المستمع ينفرد بين بقية المستمعين بأسلوبه الغريب فى إبداء الإعجاب، فهو لا يصفق بيديه، بل يأتى معه بقطعة الخشب ليدق بها على الأرض، أو المقعد كلما انتشى طربًا. وتتابع أم كلثوم، هو لا يقول "أعد" ولا "من الأول يا ست" مثل غيره، بل يطلق "زغرودة" طويلة تثير الضحك فى جنبات المسرح، وهناك الكثير من أنواع المستمعين الذين يستحقون أن أتحدث عنهم، غير أن الحديث عنهم قد يستغرق صفحات الملجلة كلها من هؤلاء يتألف الجمهور الذى يحبنى وأحبه.












الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;