صورة البطل فى الخيال الشعبى.. لماذا صنعت الشعوب أساطيرها الخارقة؟

فى حياة العديد من الشعوب، العديد من الحكايات عن أبطال خارقين وشخصيات أسطورية، بعضها يظن أنها وجدت بالفعل لكن سيرتها حولها الكثير من الدراما والخيال فتحولت إلى أسطورة خالدة عبر الزمان، وتشكل البطولة فى الأدب الشعبى أساطير وملاحم وحكايات خارقة عن شخصيات من التاريخ ظهرت فى المجتمع المحلى، وأساطير دينية تتضمن سير الأولياء والقديسين. ولعل الهدف من نسج الأساطير هو احتياج الإنسان لصنع أسطورة الإنسان الخارق الذى يستطيع أن يحقق لشعبه بطولات جاء تعبيرًا عن المعاناة فى نفوس البعض واحتياج البشر للخروج من الأزمة، والهروب من الواقع أحيانًا بصنع أسطورة من واقع الخيال، وهو ما فسره بعض الباحثين على أنها تجسيد للعقد النفسية المكبوتة. والحقيقة أن كل الشعوب العالم لديها أساطيرها الخاصة، فالمصريون منذ عهد الفراعنة خلقوا أسطورة حورس، وفى إنجلترا هناك أسطورة الملك أرثر الخالدة، كذلك نسج العرب العديد من الأبطال الخارقين فى حكايات ألف ليلة وليلة والسيرة الهلالية، وفى التقرير التالى نوضح بعضا من أشهر تلك الأساطير: هرقل (الاغريق) ‏ في الميثولوجيا الإغريقية بطل إلهى هو ابن الإله زيوس والبشرية "ألكمينى" يشتهر بقوته الخارقة وله العديد من المغامرات، شخصية متعددة الأوجه ذات خصائص متناقضة ما مكن الفنانين والكتاب من انتقاء واختيار كيفية تمثيله، ويمثل هرقل عند كل من الرومان واليونانين أيقونة في الأدب والفن الغربى والثقافة الشعبية. لم تكن قوة هرقل ولاحقيقة أنه نصف إله بكافية لجعل حياته سهلة أو أقل عثرات ومصائب من حياة الآخرين من حوله ما يعطينا درسًا قيمًا حين رؤيتنا لنصف إله مثل هرقل يتعرض لمتاعب كبيرة فى حياته بأنه مهما بلغت قوة الإنسان وعظمته فإن المعاناة لا مناص منها حتى مع الآلهة الخالدين. على الزيبق سيرة «علي الزيبق» واحدة من أشهر النصوص الشعبية التي سجلت في لحظةٍ تاريخية فارقة اتحاد الوجدان الشعبى فى مواجهة الاستبداد والفساد وظلم الحكام بسلاح السخرية والهجاء والتوارى خلف الرمز ومجازية الخيال، تدور أحداث الملحمة الشعبية حول دائرة فساد السلطة التي تبدأ من الخليفة العثمانى لتصل إلى أصغر مسئول فى القلعة، حيث يطلق حسن رأس الغول شرارة الثورة ضد الظلم المتمثل فى المقدم سنقر الكلبى ومصرعه على يد رمانة، ويأتى ابنه على الزيبق ليحيي بارقة الأمل من جديد ويستكمل مشوار أبيه فى الكفاح ضد الاستبداد. تتحدث السيرة عن قصة شاب داهية من عامة الشعب المصرى ومن بين طبقاته الفقيرة، قرر أن يقاوم طغيان طبقة المماليك بالحيلة والخداع وخفة الحركة، وينتقم لمقتل والده البطل الشعبى "حسن راس الغول" الذى اغتاله مقدم الدرك سنقر الكلبي، ليحل محله ويغتصب موقعه. أبو زيد الهلالى (شبه الجزيرة العربية) أحد أمراء بنى هلال بن عامر من هوازن وفرسانهم، وقائد الجيوش العربية في غزوة هجرة بنى هلال بالقرن الخامس أو السادس هجرى، التى كانت بناء على أوامر من الفاطميين، وقد غزى أبو زيد المغرب لمعاقبة الزيريين الذين كانوا قد تخلو عن المذهب الشيعى، وهذه الأخيرة قد أضعفت إلى حد كبير وضعهم فى النيل من العديد من المدن مثل الجلفة، الوادى، بسكرة، بوسعادة، أو غرداية، ويعتد أبو زيد الهلالى شخصية مشهورة فى التراث الشعبى حيث نُسجت حوله الكثير من القصص والأساطير. روبن هود (بريطانيا) شخصية إنجليزية برزت في الفلكلور إلانجليزى وهي تمثل فارسا شجاعا، مهذبا، طائشا وخارجا عن القانون، عاش في العصور الوسطى وكان يتمتع ببراعة مذهلة في رشق ورمي السهام، تمثل أسطورة روبن هود فى العصر الحديث شخصا قام على سلب وسرقة الأغنياء لأجل إطعام الفقراء، بالإضافة لذلك حارب روبن هود الظلم والطغيان، كان يعمل هو ومجموعته القوية المسمية (ميرى من) ومعناها الرجال المبتهجون، المكونة من 140 شخصا معظمهم من (أبناء الطبقة المتوسطة) في غابات شيروود في محافظة نوتنجهامشاير بالقرب من مدينة نوتينجهام. وليام والاس (اسكتلندا) أسطورة أسكتلندية قتل والده ووأخاه في إحدى المعارك مع الإنجليز ليبقى الأمرُ معلقًا في ذاكرته، وعندما يبلغ عمره الخامسة والعشرين يقتل والاس الضابط الإنجليزي وجنوده الذين شاركوا في ذبحِ حبيبته وزوجته مورون، ليصبحَ بعدها خارجًا عن القانون ويُشكّل مجموعةً من الثوار راحت تشنُّ الهجمات على الجيش الإنجليزى متى سنحت الفرصة لذلك مُحققًا الانتصار فى الكثير من المعارك كانت أهمها معركة ستيرلينج، وفيها استطاع والاس ورجاله القضاءَ على كتيبة الخيالة فى جيش الملك إدوارد الأول، الذي قاد جيشهُ عام 1278 ليخوض معركةً ضدَّ الثوار الاسكتلنديين في منطقة فالكيريك، وتمكن فيها من هزيمتهم ليُصاب والاس قبل أن يُنقذه صديقه هاميش، وعلى الرغم من تبجيله بشكل كبير إلا أن العديد من المؤرخين شككوا فى وجوده من الأساس، وأخرون رأوا أن سيرته أضيفت لها العديد من الحكايات الأسطورية. أرسلان (بلاد فارس) هي أسطورة فارسية شعبية وتعبر من الفلكلور الفارسي، وقد روى القصة الحكواتي محمد على النقيب المملوكى، رويت لناصر الدين القاجارى شاه قاجار، ملك إيران من الأسرة القاجارية امتدت فترة حكمه لما يقارب الخمسين سنة، وعلى الرغم من أن الحكواتى محمد على النقيب المملوكى لم يكتب القصة ينفسه، إلا أن ابن الشاه ناصر الدين القاجارى، والذى أحب الحكاية، فى نهاية المطاف أكمل القصة وحافظ عليها. وهي ملحمة تحكى مغامرات أرسلان بطل الرواية، وتبدأ القصة مع السيدة بانو الحاكمة لمدينة الروم (اسطنبول)، وقد غزا الأوروبيون مدينتها، مما أجبر السيدة بانو الحامل على الفرار للحفاظ على حياتها، وقالت إنها أصبحت متزوجة من تاجر مصرى وولدت طفلها الذى أسمته أرسلان، ادعى التاجر المصرى أبوة الطفل أرسلان، في نهاية المطاف وبطبيعة الحال، علم أرسلان عن أصوله الملكية وبدأ يفكر في كيفية استعادة عرشه، بعدما قامت المملكة المجاورة بالاستيلاء على ممكلته وقتل أبوه الملك. فلاد الثالث "دراكولا" – (رومانيا) أحد أفراد عائلة دراكوليشتي التى تُمثّل بدورها فرعا من عائلة باسراب المتشعّبة، والذي اشتُهر بلقب دراكولا، جلس على عرش إمارة الأفلاق ثلاث مرات ودامت أطول فترات حكمه فيما بين عامي 1456 و1462 في أوج الحملات العثمانية للسيطرة على البلقان، يعد فلاد الثالث واحدا من الأبطال القوميين في بلغاريا نظرًا لما عُرف عنه من حماية الأقليات البلغارية المتمركزة فى شمال وجنوب سهول نهر الدانوب، مما دفع العديد من عوام البلغار ونبلائهم على حد السواء، إلى الهجرة من شمال الدانوب إلى الأفلاق ومبايعتهم له والمشاركة معه فى حملاته ضد العثمانيين. ثّلت شخصية "فلاد الثالث دراكولا" النواة التي نسج حولها الروائي الإنجليزي برام ستوكر شخصية كونت دراكولا، مصاص الدماء الأشهر، في روايته الصادرة عام 1897 تحت عنوان "دراكولا".