كيف ألهبت انتصارات صلاح الدين الأيوبى حماسة الشعراء العرب فى عصره؟

تمر اليوم الذكرى الـ 828 على رحيل القائد والفاتح العظيم الناصر صلاح الدين الأيوبى، إذ توفى فى 4 مارس عام 1193م، عن عمر ناهز حينها 56 عاما، وهو قائد عسكرى أسس الدولة الأيوبية التى وحدت مصر والشام والحجاز وتهامة واليمن فى ظل الراية العباسية، بعد أن قضى على الخلافة الفاطمية التى استمرت 262 سنة. وقاد الناصر صلاح الدين، العديد من الحروب المعارك، التى كتب فيها النصر لجيوش المسلمين، واستطاع خلالها العرب من استعادة الأراضى التى احتلتها الحملات الأوروبية لنهب كنوز الشرق، حيث استعاد الأراضى المقدسة التى كان الصليبيون قد استولوا عليها فى أواخر القرن الحادى عشر، وقد تمكن فى نهاية المطاف من استعادة معظم أراضى فلسطين ولبنان بما فيها مدينة القدس. ولعل الانتصارات الكبيرة التى حققها صلاح الدين على جيوش الحملات الصليبية، ونجاحه فى استعادة بيت المقدس، ألهب حماس شعراء وأدباء عصره، فبحسب كتاب "دراسات فى الشعر فى عصر الأيوبيين" تأليف محمد كامل حسين، فأنها قد ألهبت حماسة المسلمين فى جميع الأقطار، وأيقظت شعورهم بعد رقدته عدة قرون، وأوجدت بينهم ما نستطيع أن نطلق عليه الاصطلاح الحديث: "الشعور بالقومية الإسلامية"، فبالرغم من أن القومية والشعور بها أَثر من آثار الثورة الفرنسية فى العصر الحديث، فإن المسلمين فى القرون الوسطى شعروا بهذا الشعور ونادوا به إبان حروب صلاح الدين، وكان الأدب ـ شعرا ونثرا ـ هو اللسان المعبر عن هذا الشعور، واشترك فى هذا الفن عدد كبير من الشعراء فى مختلف البلاد الإسلامية، حتى هؤلاء الذين لم يتصلوا بصلاح الدين أو بأحد أفراد أسرته، إنما دفعهم إلى ذلك الشعور بالقومية الإسلامية أو الوحدة الإسلامية، ومحيت فكرة الشعوبية التى تفضل العرب على الأعاجم، وحل محلها فكرة "نصر الإسلام"، هذه هى المعانى السامية الجليلة التى أكثر منها الشعراء وهم ينشدون فى مدح صلاح الدين، فها هو ابن سناء الملك يقول فى إحدى قصائده — يهنئه بفتح حلب: فى زمان ابن أيوبٍ غَدَتْ حَلَبٌ من أرض مِصْرَ وصارت مِصْرُ مِنْ حَلَبِ ولابن أيوبَ دانت كل مَمْلَكةٍ بالصفح والصلح أو بالحرب والحَرَبِ مُظَفَّر النصر منعوتٌ بِهِمَّتِهِ إلى العزايم مدلول على الغلَبِ والدهر بالقَدَرِ المحتوم يخدمه والأرض بالخلق والأفلاك بالشهبِ ويوضح الكتاب سالف الذكر أنه بفضل هذا الانتصار أصبحت وحدة مصر مع الشام وحدة حقيقية إذ صارت حلب جزءًا من مصر، وأصبحت مصر جزءًا من حلب. وهذان البيتان فى مطلع القصيدة يدلان على ما كان يرمى إليه صلاح الدين من توحيد البلاد الإسلامية حتى يستطيع أن يلاقى بالبلاد المتحدة قوى الأجانب المستعمرين الذين طمعوا فى البلاد الإسلامية لتفرق المسلمين، ثم يمضى الشاعر فى وصف جيش صلاح الدين وقوة هذا الجيش وتأييد الله له. أما الشاعر ابن النحاس المصرى يحيى بن علم الملك فهو يمدح صلاح الدين بصورة أخرى، فهو يقول: يا مالك المصر والشامين واليمَنِ ويا معيد حياة الفَرْض والسُّنَنِ وناصر الحق إذ عَزَّتْ خواذلُهُ ومنقذ الدين والدنيا من الفتَنِ يا يوسف الحُسن والإحسان لا برحَتْ نجوم سعدك والتوفيق فى قرنِ جاد الملوك بمالٍ بعد مَنِّهِمُ وجُدْتَ بالمال والأرزاق والمِنَنِ



الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;