امتلك يوسف إدريس موهبة أدبية كبيرة، وكانت لديه ثقافة اطلاع واسعة، جعلته منفتحا على العديد من الأدبيات الأخرى، واستطاع من خلالها توظيف أدواته وموهبته فى كتابات وأعمال إبداعية مؤثرة، إذ أنه واحد من رواد الأدب فى النصف الثانى من القرن العشرين، وأحد الذين غيرت أعمالهم شكل الكتابة الأدبية فى المنطقة.
وفى الذكرى الـ94 على ميلاد تشيخوف العرب، الطبيب الذى ترك مهنته من أجل شغفه بالكتابة وحبه للإبداع، حاولنا أن نوضح كيف ساهم إدريس كواحد من كبار كتاب عصره فى شكل الكتابة الإبداعية:
الرواية
لم يهتم يوسف إدريس كثيرا بالكلام عن المدينة أو القرية مثلما اهتم بالإنسان فكان شاغله الأول، قضايا المجتمع والإنسان المهمش، والمسكوت عنه، من خلال طرح رؤى عميقة ومتطورة للإنسان والعالم والكون، وبما تحمله من معطيات فكرية ذات مرجعيات معرفية وجمالية، ومن تلك الروايات "الحرام، النداهة، العيب" وجميعها عبرت قضايا مؤثرة فى الواقع خاصة عند المرأة المصرية.
القصة
لعل يوسف إدريس كان صاحب النقلة الكبرى فى فن القصة القصيرة، الذى نقلها من المحلية إلى العالمية، وجعل لها هويتها المصرية الخاصة، إذ قدمها بلغة الإنسان العادي ونقلها من برجها العاجى إلى لغة التخاطب اليومي، عبر تصوير واقعى، وبسيط للحياة كما هي في الطبقات الدنيا من المجتمع ومنها "أرخص الليالى، حادثة شرف، قاع المدينة" معبرا من خلالها عن المظلومة في المجتمع المصري وهي تمثيل للإنسان المصري الذي يعيش على هامش الحياة.
المسرح
الكتابة المسرحية هي الأخرى كانت مجالا لإبداعات "إدريس" الأدبية، صنع منها خصوصية خاصة لأبو الفنون، معتمدا على الموروث الشعبى الكبير لدى، ومن واقع بيئته المليئة بالحكى والأسطورة، متفقا مع ذاته ورؤيته بأن المسرح ليس له شكل واحد بل متعدد باختلاف البيئة والمجتمع، ومنها "الفرافير، ملك القطن، اللحظة الحرجة"، وجمعيها كانت معبرة عن واقع الإنسان المصرى البسيط فى عالم ساخر.
المقال الصحفى
للأديب الراحل كم هائل من المقالات المشورة لا تقل إبداعا عن أعماله الأدبية الأخرى، كانت له فيها خصوصيته فأدخل العامية في الفصحى، ومزج بين ذوق النخبة والحس الشعبي، وبروح نقدية ورؤية واعية استطاع أن يكون معبرا عن النخبة والجمهور العادى معا ومن سلسلة مقالاته الشهيرة "بصراحة غير مطلقة، شاهد عصره، جبرتى الستينات، انطباعات مستفزة، مفكرة يوسف إدريس".