فاجأت الأكاديمية السويدية للعلوم، العالم هذا العام بمنحها جائزة نوبل للأدب إلى الروائي البريطانى التنزاني الأصل عبدالرازق جرنة، وجاء فى بيان الأكاديمية: "أن أسباب منح جرنة الجائزة ترجع لاختراقه وتعمقه العاطفى المتجذر غير المسبوق لآثار الاستعمار ومصائر اللاجئين فى الهوة بين الثقافات والقارات".
ولد "جرنة" فى زنجبار عام 1948، ووصل إلى إنجلترا كلاجئ فى أواخر الستينيات من القرن الماضى، وقد عمل أستاذًا للغة الإنجليزية وآداب ما بعد الاستعمار فى جامعة "كنت" بكانتربرى، حتى تقاعده مؤخرًا.
تناول عبد الرزاق جرنة في أعماله، مُعاناة المهاجرين، خاصة الأفارقة، حيث توثق رواياته الأولى ذاكرة الرحيل، وطريق الحج، ودوتي، تجربة المهاجرين في بريطانيا، وفي روايته الجنة، ركّز فيها على المُستعمرات التي أنشأت خلال الحرب العالمية الأولى، وتم ترشيحها لنيل جائزة البوكر.
تُركز أعمال عبد الرزاق جرنة بشكل أساسي على قضايا التهجير، الاستعمار، والاستعباد، حيث تتناول أعماله التأثير الكبير الذي تُحدثه الهجرة، والتي عايشها بنفسه، حيث هاجر من موطنه في تانزانيا، عندما كان عمره 17 عامًا، وانتهى به الحال معظم سنوات حياته خارج وطنه.
وتُهيمن على كتابات عبدالرزاق جرنة القضايا المرتبطة بالهوية والنزوح وكيف تتشكل الهوية بما يخلفه الاستعمار والعبودية. وتقوم شخصياته الروائية، وترتكز روايات جرنة جميعها على الأثر المدمر الذى تخلفه الهجرة إلى سياق جغرافى واجتماعى جديد على هويات شخصياته.
كما تلعب الهجرة والنزوح، سواء من شرق أفريقيا إلى أوروبا أو فيما بين أفريقيا، دورًا رئيسيًا فى رواياته، ففى روايته «ذاكرة الرحيل» (1987) تُحلل الأسباب وراء قرار بطل الرواية بترك قريته الساحلية الأفريقية الصغيرة. أما «طريق الحاج» (1988) فهى تصور كفاح الطالب المسلم القادم من تنزانيا ضد ثقافة المقاطعة والعنصرية السائدة فى البلدة الإنجليزية الصغيرة التى هاجر إليها. أما «جنان» (1994)، والتى أدرجت على القائمة القصيرة لجائزة بوكر للرواية عام 1994، تحتفظ بدلًا من ذلك بالسياق والمحيط الأفريقى؛ حيث تستكشف رحلة يوسف من بيت والديه الفقراء إلى قصر العم عزيز الثرى الذى منح الأب يوسف له رهنًا مقابل سداد ديونه.
ويبنى الراوى المجهول فى رواية «صمت مدهش» حياة جديدة لنفسه فى بريطانيا، هربًا من إرهاب الدولة السائد فى وطنه زنجبار. وقد صنع من وحى خياله قصصًا رومانسية عن وطنه ليحكيها لزوجته ووالديها، تلك القصص التى تحطمت لدى عودته إلى أفريقيا. أما فى روايته «على شاطئ البحر» (2001)، صالح عمر، وهو طالب لجوء عجوز غير تقليدى وصل لتوه فى بريطانيا، يلتقى بالسيد لطيف محمود، محاضر جامعى يعيش فى إنجلترا لعدة عقود، ليكشفا للقارئ قصصًا من ماضيهما لتظهر روابط بينهما غير متوقعة.