كيف بدأت الصحافة المصرية تهتم بـ أخبار الحوادث، وكيف رأت أنها تحقق نسبة انتشار أعلى للصحف، هذا ما يخبرنا به كتاب "تراث مصرى" لـ أيمن عثمان.
يقول الكتاب:
قبل ثورة 19 ومجلة اللطائف المصورة تلعب في وجدان الشعب المسالم، وتهيئه للتغيير، وتُشكِّل مزاجه العام، وتوجهه إلى الاهتمام بالجريمة والمجرمين والإجرام.. اعتمدت في أعدادها الأسبوعية على نشر خبرٍ شاذ عن المجتمع "سرقة– نصب– خرج ولم يعد"، وكان النشر غالبًا في مساحة محددة ومحدودة داخل العدد، وتسويق العدد يعتمد كلية على الخبر.. القائمون على المجلة كانوا يعرفون من أين تؤكل الكتف، وخبر الجريمة كثيرًا ما كان يحرك فضول القراء، والفضول في الصحافة كارت ناجح.. مع الوقت استكان الفضول، وكان ولابد من زيادة المساحة المنشورة مع إدخال عنصر التشويق الدرامي للحفاظ على معدلات البيع، وخرج الخبر الشاذ من داخل العدد للصفحة الأولى يخطف عين المتطلع على الغلاف قبل شراء العدد، وتنوعت الأخبار لتشمل القتل والسفاحين.. واقرا الحادثة.
استثمرت المجلة عام 1920 جرائم السفاحين "بدر الدخاخني، وإبراهيم الفقير" لزيادة المبيعات، وتم اللعب على وتر الفضول والاندهاش والخوف من وجود القارئ بالقرب من مسرح عمليات السفاح رغم انتهاء الجرائم وإعدام السفاحين.. لفظ "السفاح" استخدمته الصحافة بكثرة في هذه الفترة في إشارة منها أن القاتل مختل نفسيًّا يقتل من أجل لذة القتل، وجرائمه تجاوزت الثلاث ضحايا، وبعد أخبار السفاحين زادت مساحة النشر في نفس العام لتستوعب أخبار عصابة قتل السيدات ريا وسكينة، وجرائم حميدو الفارس إمبراطور الإجرام في الإسكندرية.. اقرا الحادثة.
وجرائم ريا وسكينة كانت الفَيصَل في أهمية الحوادث في التسويق، وبعدها –تحديدًا عام 23- أصبحت الصفحة الأولى بالكامل، وعلى فترات متقاربة خاصة بالجريمة سواء محلية أو عالمية.. اقرأ الحادثة جناية فظيعة في الإسكندرية.. مقتل الوجية السوري توفيق بك كرم.. اقرا الحادثة نبيلة إنجليزية مصرية تقتل نفسها قضاء وقدرًا.. اقرا الحادثة الحادث الجلل اغتيال سردار الجيش وحاكم السودان العام.. اقرا الحادثة مصرع الشقي الشرقاوي الشهير.. اقرأ الحادثة قاتل أخيه وزوجته وابنه وابنته.
