نزار قباني.. خمس رسائل إلى أمي

ينشر "انفراد" قصيدة خمس رسائل إلى أمى كتبها الشاعر الكبير الراحل نزار قبانى تزامنا مع عيد الأم الذى نحتفل به سنويا يوم 21 مارس. صباح الخير يا حلوه.. صباح الخير يا قديستي الحلوه مضى عامان يا أمي على الولد الذي أبحر برحلته الخرافيه وخبأ في حقائبه صباح بلاده الأخضر وأنجمها، وأنهرها، وكل شقيقها الأحمر وخبأ في ملابسه طرابيناً من النعناع والزعتر وليلكةً دمشقية.. أنا وحدي.. دخان سجائري يضجر ومني مقعدي يضجر وأحزاني عصافيرٌ.. تفتش –بعد- عن بيدر عرفت نساء أوروبا.. عرفت عواطف الإسمنت والخشب عرفت حضارة التعب.. وطفت الهند، طفت السند، طفت العالم الأصفر ولم أعثر.. على امرأةٍ تمشط شعري الأشقر وتحمل في حقيبتها.. إلي عرائس السكر وتكسوني إذا أعرى وتنشلني إذا أعثر أيا أمي.. أيا أمي.. أنا الولد الذي أبحر ولا زالت بخاطره تعيش عروسة السكر فكيف.. فكيف يا أمي غدوت أباً.. ولم أكبر؟ صباح الخير من مدريد ما أخبارها الفلة؟ بها أوصيك يا أماه.. تلك الطفلة الطفله فقد كانت أحب حبيبةٍ لأبي.. يدللها كطفلته ويدعوها إلى فنجان قهوته ويسقيها.. ويطعمها.. ويغمرها برحمته.. .. ومات أبي ولا زالت تعيش بحلم عودته وتبحث عنه في أرجاء غرفته وتسأل عن عباءته.. وتسأل عن جريدته.. وتسأل –حين يأتي الصيف- عن فيروز عينيه.. لتنثر فوق كفيه.. دنانيراً من الذهب.. سلاماتٌ.. سلاماتٌ.. إلى بيتٍ سقانا الحب والرحمة إلى أزهارك البيضاء.. فرحة "ساحة النجمة" إلى تختي.. إلى كتبي.. إلى أطفال حارتنا.. وحيطانٍ ملأناها.. بفوضى من كتابتنا.. إلى قططٍ كسولاتٍ تنام على مشارقنا وليلكةٍ معرشةٍ على شباك جارتنا مضى عامان.. يا أمي ووجه دمشق، عصفورٌ يخربش في جوانحنا يعض على ستائرنا.. وينقرنا.. برفقٍ من أصابعنا.. مضى عامان يا أمي وليل دمشق فل دمشق دور دمشق تسكن في خواطرنا مآذنها.. تضيء على مراكبنا كأن مآذن الأموي.. قد زرعت بداخلنا.. كأن مشاتل التفاح.. تعبق في ضمائرنا كأن الضوء، والأحجار جاءت كلها معنا.. أتى أيلول يا أماه.. وجاء الحزن يحمل لي هداياه ويترك عند نافذتي مدامعه وشكواه أتى أيلول.. أين دمشق؟ أين أبي وعيناه وأين حرير نظرته؟ وأين عبير قهوته؟ سقى الرحمن مثواه.. وأين رحاب منزلنا الكبير.. وأين نعماه؟ وأين مدارج الشمشير.. تضحك في زواياه وأين طفولتي فيه؟ أجرجر ذيل قطته وآكل من عريشته وأقطف من بنفشاه دمشق، دمشق.. يا شعراً على حدقات أعيننا كتبناه ويا طفلاً جميلاً.. من ضفائره صلبناه جثونا عند ركبته.. وذبنا في محبته إلى أن في محبتنا قتلناه...



الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;