زيجمونت باومان.. اليهودى المتشائم الذى زار إسرائيل ثم انتقدها

فى مقابلة له عام 2011 مع مجلة "بوليتكا" البولندية، انتقد زيجمونت بومان إسرائيل، وقال إنها لم تكن مهتمة إطلاقًا بالسلام، بل كانت تستخدم الهولوكوست كعذر لشرعنة أفعالها المتوحشة، وشبه الحاجز الذى تضعه إسرائيل فى الضفة الغربية مع الجدران التى كانت تضعها النازية فى وارسو عندما قتل اليهود فى الهولوكوست. رحل زيجمونت أول أمس بعد 91 عاما حيث ولد فى بوزنان، بولندا عام 1925 لأبوين بولنديين، يهوديين، اتجهت عائلته شرقًا إلى الاتحاد السوفييتى بعد الاحتلال النازى لبولندا فى عام 1939م، خدم باومان فى الجيش البولندى الأول الذى كان بقيادة سوفيتية، شارك فى معارك كولبرج وبرلين، فى مايو 1945م، ودرس بدايةً علم الاجتماع فى أكاديميّة وارسو للعلوم الاجتماعية، ثم ترك علم الاجتماع ودرس الفلسفة فى جامعة وارسو، وأقام قطيعة مع والده بعدما توجه والده إلى السفارة الإسرائيلية فى وارسو طلباً للهجرة إلى إسرائيل، لأن باومان لم يكن يشاطر والده توجهه وميله الصهيونى. فى عام 1954م أصبح "باومان" مُحاضرًا فى جامعة وارسو، حيث استقر بها إلى عام 1968م، وهناك انتهى من دراسته عن الحركة الاشتراكية البريطانية، التى أصبحت فيما بعد كتابه الأول فى مجال تخصصه، نُشر الكتاب باللغة البولنديّة عام 1959م، وتمّ تنقيحه وترجمته إلى الإنجليزيّة فى طبعة ظهرت عام 1972م، واستمر بعد ذلك فى نشر كتب أخرى، منها كتاب "علم الاجتماع للحياة اليومية" باللغة البولندية عام 1964م، والذى وصل إلى شريحة شعبيّة كبيرة فى بولندا، وشكل لاحقًا أساسًا لمقرّر باللغة الإنجليزيّة "تفكير بشكل اجتماعى" عام 1990م. فى وقت ما كان على بومان أن يتخلى عن جنسيته البولندية حتى يستطيع الخروج من بلده، فذهب أولًا إلى إسرائيل ليُدرّس فى جامعة تل أبيب، قبل أن يجد له كرسيًا فى قسم علم الاجتماع فى جامعة ليدز، حيث أصبح فى ما بعد رئيسًا للقسم، ومنذ ذلك الوقت، كانت كتب باومان تنشر باللغة الإنجليزية على وجه الحصر، وهى لغته الثالثة، حيث ذاع صيته بعد ذلك بشكل سريع. فى نهاية التسعينيات، كان باومان عاملاً مؤثراً فى حركة مضادة للعولمة، أو وبشكل آخر تغيير العولمة. نشر بومان ما يقارب السبعة والخمسين كتاب ولديه أكثر من مائة مقال.. وأغلب كتاباته كانت تحوى مواضيع متشابهة مثل: العولمة، الحداثة وما بعد الحداثة، المادية (الاستهلاكية)، وعن النظام الأخلاقى. كان "باومان" متشائما وظهر ذلك فى عدة كتب، ففى كتاب صدر له عام 2014 (ثراء الأقلية) جادل فيه بأن العالم يدفع الآن أثمانا باهظة نتيجة الثورة النيوليبرالية التى بدأت عام 1980، وهذه الثروة تركزت فى أيدى الأقلية ولم ينعم بها بقية المجتمع، فى كتابه الأخلاق العمياء، حذر مع ليونايدس دونسيكس، المؤلف الذى شاركه كتابة العمل، من أننا نفقد روحنا الجماعية نتيجة الغرق فى عوالمنا الذاتية. فى كتابه "الحداثة والهولوكوست" رأى أن الهولوكوست هى تعبير عن فكر الإبادة الكامن فى مشروع الحداثة الغربى والذى تحول من مشروع يستند إلى مركزية الإنسان فى الكون إلى مشروعٍ معادٍ للإنسان، فالهولوكوست هى أول مشروع إبادة متكامل يقوم به الإنسان الغربى على أرضه ضد جماعات تشترك معه فى اللون والوطن. وما يدعونا للتوقف أمام تلك القضية هو مدى تقبُّلِ العقلانية الغربية لقتل هذا العدد الهائل من البشر تحت شعارات مثل "النظام" و"القانون" و"الامتثال للسلطة".










الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;