محمود سليمان يكتب : قد رأيت الله

يظن البعض منا أن رؤية الله تعالى قاصرة على ادراك الذات الإلهية بالحواس البصرية المجبولة على رؤية المحسوسات فقط ، بينما بصيرة الإنسان قادرة على رؤية الله تعالى عبر نعمه التى لا تعد ولا تحصى وعبر التفكر والتدبر الذى يعد الوسيلة التى تدفعنا لرؤية الله . وتلك الرؤية سنراها دائما حاضرة فى تصرفات بعض البشر ممن يمتلكون مهارات خاصة تترجم امتلاكهم لقدر كبير من الانسانية وقدرتهم على الإحسان وأن أسماء الآخرين ورغبتهم فى أن يضربوا المثل والقدوة فى حسن الخلق والالتزام وان أهمل أقرانهم وإعمال الضمير الذى يعد صوت الله فى الإنسان وأن غيبة آخرون. ولعلى رأيت الله فى سلوك احد موظفى ادارة قلين التعليمية التابعة لمحافظة كفر الشيخ علمت فيما بعد انه يدعى مهدى الشوال الذى ضرب نموذج فى حسن الخلق والضمير الحىً وتفهم احتياجات الناس وتقديرهم ولقائهم بوجه بشوش ينم عن احترام كبير فحين ساقتنى الاقدار الى هناك رأيت عددا كبيرا من الموظفين الذين يجلسون على مقربة من بعضهم البعض على مكاتب متهالكة وسط أكوام متكدسة من الملفات التى تعلو الخزائن فى مبنى اكثر تهالكا وحين طلبت إنجاز معاملتى انبرى احد الحضور مؤكدا انها غير موجودة لديهم فى حديث يوحىً بفهلوة الرجل وقدرته على توزيع المراجعين فىً ثوان معدودة . وفيما يواصل التأكيد والجزم بان ما اطلبه ليس لديهم . نظر الى ذلك الرجل بترحاب ودعانى للجلوس وطلب من زميله أن يحاول البحث عما أريد فعاد ليؤكد ما قاله سابقا ويزيد فى الجزم والتأكيد لكن ابتسامه ذلك المهدى ولطفه لم تغب عن وجهه وطلب من زميله أن يحاول فما كان منه إلا أن زاد فى مبررات واهية بعضها استهزاء بالمراجعين وبعضها اتهام لهم بعدم الفهم والجهل بالإجراءات الإدارية المتبعة وبعضها تلميحات لزميلة بالكف عن محاولات تطويعه لإنجاز العمل حين أبدى رغبته فى تولى مهمة البحث بدلا منه فأبلغه أن عليه البحث فى أكوام متكدسة من الورق ولن يجد وكلما ازداد الاخر حمقا ازداد الرجل لطفا وبشاشه الى أن استجاب لهً واعطاه أكوام الملفات وظل الرجل يبحث لفترة ليست بالقصيرة وهو يبتسم للجميع الى أن وجد ما أراد وقدمه لى وهو يعتذر عن التأخير بسبب كثرة الملفات . فطأطأ الآخر راْسه واومأ بكلمات غير مسموعةً لعل بعضها سبابا . شكرته كثيرا وانصرفت وانا احمل لهذا الرجل مشاعر طيبة وتمنيت لو أن كل العاملين بكل المؤسسات كانوا ذلك الرجل . فكم عانى الناس من أشكال متعددة للروتين والبيروقراطية والاهمال المتجسد فى أسوأ صورة والذىً يعد السمة الغاليه فى معظم المؤسسات ذات الطبيعة الخدمية . ولعلى رأيت الله فى مواطن كثيرة جسدتها سلوكيات أولى الانسانية والضمير ومن تربوا على قيم الخير والإيثار ومكارم الأخلاق . ولعل التربية المشفوعة بالقدوة هى التى أسست لوجود بشر بهذه المواصفات الانسانية ممن يتجردون من الأنا والتى تعلى من قيمة الانسان المهيأ لتكريس القدوةً التىً اثبتت قدرتها على ترسيخ السلوكيات والممارسات التى عجزت عنها آلاف المؤلفات والحملات الإرشادية والإصلاحية وكذا الندوات والدورات وحتى القوانين والعقوبات المشددة لم تحقق النتائج التى حققتها ثقافة القدوة التىً تحدد الإطار المجتمعىً لما يعرف بالعيب الاجتماعى. بعد أن شهد الشارع المصرى خروج عدد من السلوكيات والألفاظ من دائرة العيب الاجتماعى بعد أن مارسها البعض وقلدهم اخرون وأصبحت من الظواهر التى يمكن أن تراها اوتسمعها يوميا ،ومازال هناك من ينكرونها على كثرة تداولها . ويتصدون لها حتى وان اتسعت دائرة ممارستها فذلك لا يمنحها شرعية الوجود والقبول ., ولذا تبقى الممارسات المنافية للذوق العام والضمير الجمعى تدور فى فلك العيب الاجتماعى الممقوت . وسيبقى اصحاب الضمير والمعنيون بإعلاء القيم والتمسك بالفضيلة وجوه مضيئة وسط ظلمة الاهمال والتحيز للمصالح .



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;