يوسف إسحق يكتب: الضمير

داخل الكيان الإنسانى قانون قديم قِدم الإنسان الأول، ذلك هو القانون الطبيعى الذى هو أعتق عمرا من رسائل الأنبياء، والذى أوجده البارئ سبحانه فى الإنسان قبل الرسائل والنبوات والتى أسماه بعض الفلاسفة "العضو الأدبى" داخلنا، ذلك ما غرسه الله فينا باسم "الضمير". والذى دائماً ما يحمل فى قبضته سهماً ويحمل فى نفس القبضة نفحة رضا، ليرميك بسهمه واخذا إياك إن أخطأت ويمنحك من نسمات الرضا ما يجعلك راضٍ عن فعلتك. فبمجرد أن يعى الإنسان التمييز بين ما هو واجب فعله وما هو مُنهى عنه تبدأ مؤشرات هذا القانون فى الاتجاة بين ما هو محظور وما هو جائز فعله، ليعمل مع الإنسان طيلة حياته بكامل قوته إن كان المرء يقظا، أو يتم التشويش عليه والعمل على تعطيله إذا كان لا مبالى. فإن ما تشهده بلادنا من إهمال بعض الأشخاص الذين ترتبط أعمالهم بمصائر آخرين ليس سوى غياب ذلك القانون بداخلنا والتخلى عنه، ليصبح الإنسان مُخدراً بفعل وخذات الضمير التى لا يُستجابلها لنصبح كما وصفنا عالم الاجتماع العربى بن خلدون "شعب لا يخشى عواقب الأمور". إن مشكلة غياب الضمير انتشرت عندما وضعنا المسميات فى غير نصابها وغيرنا مفاهيمها ومفاهيمنا، واعتبرنا مصطلح الفهلوة نبراسا لأعمالنا، فخلعنا على الرشوة مثلا مصطلح "تفتيح المخ" والإهمال "تكبير الدماغ" والسلوك المضر حرية شخصية... إلخ، ولوَّنا أكاذيبنا باللون الأبيض، لنخدر ضمائرنا ونسينا أن هناك رقيباً لا يغفل على مجرد القول فما بالك بالفعل! لنجنى جراء ذلك كارثة تلو أخرى. إن الصور المتكررة للإهمال تعطى انطباعاً لمن هم معرضون لفيروس غياب الضمير، أن ذلك أصبح من قوانين الطبيعة وأمر عادى لمجريات الأمور! إن كان هذا حال القانون الطبيعى الذى لنا فما عن حال القانون الوضعى؟ لابد أن يكون القانون الوضعى مفصلا بحسب سيكولوجية المجتمع الذى نحيا بداخله، ويتناسب طرديا مع حجم الإهمال وعدم الانضباط، بمعنى أنه كلما ذاد التسيب واللامبالاة غُلظت العقوبة لاسيما أن الفيروسات الاجتماعية تعمل على تحديث نفسها بفعل التقادم والتطور الذى يشهده بلادنا والعالم، وذلك ينعكس على كل شىء فى المجتمع الذى نحيا بداخله.



الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;