نورهان حاتم البطريق تكتب: ثقافة الانفصال

يفتقر مجتمعنا المصرى تلك الثقافة ولا يعترف بها ضمن أعرافه وعاداته وتقاليده، فما أن وقع الطلاق حتى تحول الأمر إلى ساحة حرب، كل منهما يشهر أسلحته فى وجه الآخر محاولا التخلص منه، كلاهما يحاول أن يقضى على الطرف الثانى بشتى الطرق وبكل الوسائل الممكنة انتقاماً منه ومن أجل أن يتشفى فيه. من أبرز تلك الأسلحة التى يستباح استخدامها فى تلك الحرب المقيتة :الأبناء، كل منهما يحاول أن يلف حبل حول رقبتهم ليجذبهم إليه دون مراعاة أن الحبل كفيل بخنقهم وقديودى إلى حياتهم، ولكنها فى النهاية حربا تحمل شعار "الغاية تبرر الوسيلة ".كل منهما يحاول أن يظفر على الاخر، وما كان الانتصار سيتحقق أن لم يتم تلقينهم جيدا بمعلومات مغلوطة، وتشوية صورة إحداهما من جانب الآخر، وتحريضهم على ما يقولونه وما لا يمكنهم النطق به لاسيما فى المحاكم و أمام القضاة. قد أتفهم أنهم يجهلون الشكل الحضارى للانفصال، ولكنهم ما لا أحتمل استيعابه انهم يتعمدون تجاهل العامل النفسى لأطفالهم فى سبيل أن يصل كلاهما إلى هدفه، قد يضربون بأسس التربية عرض الحائط من أجل أن يأتى أحد الطرفين راكعاً أمام الآخر، قد يلجأ الاثنان إلى تلفيق التهم حتى يمكنه الحصول على الحضانة، قد يزور الأب فى أوراق رسميه بشأن ذمته المادية و مدخراته حتى لا تحكم المحكمة بنفقة مناسبة تتوافق مع دخله المالى، ظناً منه بهذه الطريقة أنه يستطيع أن يكسر أنف طليقته، ولا يعى أن أولاده فى أمس الحاجة إلى أن يتوافر لديهم سبل الحياة الكريمة حتى يتسنى لهم المأكل والملبس والمسكن الذى يسمح لهم أن يستأنفوا تعليمهم، وأن يحيوا حياة آمنة بعد الانفصال، كذلك الأم التى تدفع عشرات الآلاف لمحامين من أجل اللجوء إلى أساليب ملتوية تمنع بها الأب من رؤية أبنائه من أجل أن تجعله يعض على أنامله ندما، وحتى يلعن اليوم الذى قام بتطليقها فيه لأنه نفس اليوم الذى قد حكم فيه على نفسه بالحرمان من رؤية أبنائه. كيف تتحول الأمور الشخصية إلى أمور عامة على مرأى ومسمع من الجميع فى ساحات القضاء، كيف يمكن لأحدهم أن يحارب من أجل أن يتزوج بشريك الحياة، ثم سرعان ما يسعى جاهداً لزج به فى السجن فور وقوع الطلاق.قد يكون الاختيار كان فى غير محله ولكن هذا لا يعنى أن ننسى العشرة التى سبقت كل تلك الخلافات، والمواقف التى مرت عليهما أثناء وجودهما تحت سقف بيت واحد. "أبغض الحلال إلى الله الطلاق " فحتى وإن كان أمر مكرها، إلا أنه يبقى على كل حال حلالاً عندالخالق عز وجل، فلماذا نتعامل معه نحن البشر على أنه جرم يجب على كلا الطرفين محاسبة الآخر عليه، وعلى أنها خطوة محرمة يستحق من يخطوها أن يحرم من أبنائه طيلة حياته، كنوع من أنواع العقاب له. ارتقوا بعقولكم، واجعلوا مصلحة أبنائكم فوق كل اعتبار، فإذا كان اختيارك غير موفق فى شريك الحياة، فلا داعى أن تتحمل أطفالكم عواقب سوء اختياركم، وتحلّوا بثقافة الانفصال حتى تتمكنوا من تربية جيل سوى يتمتع بالسلامة النفسية والثبات الانفعالى ولا يعانى من أية اضطرابات سلوكية قد تنتج بعد الطلاق، إنما الطلاق: ما هو إلا انفصال بين شخصين، لا دخل للأبناء فى تلك الظاهرة الاجتماعية، إنما سيبقون الرابط الذى يحمل اسم الأب، وكذلك جينات الأم فى كيان واحد سيظل مشتركا بينهماشاءا ذلك أم أبيا.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;