القارئ عبد الرحمن محمد لبيب يكتب: حجر صغير وزجاج كبير

كيف ولماذا أصبحنا هكذا؟ العلاقات الهشة.. أصبحت سمة ظاهرة فى مجتمعنا.. أصبح الفراق سهلاً.. أصبحت خسارة الأحبة سهلة.. أصبح الطلاق – وهو أبغض الحلال – أكثر من ذى قبل.. أصبحنا نسمع كثيراً كلمات تحمل معانى الفراق والبعد والخصومة.. وأصبح من النادر – وللأسف الشديد – أن نسمع الكلمات التى تحمل معانى التسامح والعفو والصبر..! "من كان منكم بلا خطيئة فاليقذفها بحجر"، جملة اختصر بها السيد المسيح – عليه السلام – كثيراً من المعانى المتعلقة بالعفو وعدم تصيد الأخطاء والانشغال بالأخطاء الشخصية بدلاً من تضخيم أخطاء الآخرين وكأننا ملائكة لا تخطئ. كل منا يريد تغيير كل من فى الأرض إلا نفسه.. ولعل سبباً رئيسياً من رؤية أخطاء كبيرة من الآخرين وعدم رؤية الأخطاء الشخصية بشكل يجعل من الشخص ينفر ممن حوله هو "افتراض سوء النية"، وهو ما نهى عنه ربنا سبحانه فى قوله تعالى "اجتنبوا كثيراً من الظن.. إن بعض الظن إثم"، وقد صدق الله العظيم فى تحذيره الهام.. حيث إن افتراض سوء النية يسمم العلاقات الاجتماعية ويهددها أيما تهديد.. وللأسف الشديد كثيراً ما رأينا علاقات عميقة تنهار وبيوت قد خربت بسبب افتراض سوء النية.. وقد أوصانا النبى –ص- بافتراض حسن النية فى قوله عليه الصلاة والسلام "التمس لأخيك سبعين عذراً.. فإن لم تجد له عذر فقل ربما له عذراً لا أعرفه"، وجاء فى الأثر أنه إذا رأيت شخصاً يقول "أنا ربكم الأعلى" لظننت أنه يقرأ الآية.. ولو رأيت لحيته تقطر خمراً لقلت ربما سكبت عليه.. وهذا يبرز أهمية افتراض حسن النية ومنع النفس من ظن السوء..! أصبحت خسارة الأشخاص للأسف سهلة.. فأسهل ما يقوله أحدنا الآن عندما يختلف مع شخص آخر "لن أتحدث إليه مرة أخرى"، ونسينا ثقافة الاختلاف، وأن الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، ونسينا أن هناك ما يسمى "سوء تفاهم" عندما يفسر كل شخص موقفا معينا حسب رؤيته، ونسينا افتراض حسن النية.. ونسينا قول ربنا "ولا تنسوا الفضل بينكم".. للأسف الشديد..! أصبحت علاقات الكثير من الناس مثل لوح كبير من الزجاج.. شكله جذاب ويبدو صلباً.. ولكنه هش أمام صدمة من حجر صغير.. فيخر لوح الزجاج الكبير والذى يبدو قوياً متهشماً إلى قطع صغيرة جارحة.. ونسينا أن متانة العلاقات تأتى من مقاومتها للمواقف مع الزمن... وقدرة كل طرف على العفو والتسامح والتغافل وافتراض حسن النية.. واختم بقوله تعالى "ادفع بالتى هى أحسن.. فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم".. صدق الله العظيم.



الاكثر مشاهده

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

رابطة العالم الإسلامي تُدشِّن برنامج مكافحة العمى في باكستان

جامعة القاهرة تنظم محاضرة تذكارية للشيخ العيسى حول "مستجدات الفكر بين الشرق والغرب"

;