خرج الشيخ شعبان من بيته كعادته اليومية قبيل صلاة الفجر لإقامة صلاة الفجر فى المسجد الوحيد بالقرية وكانت تلك الليلة ليلة شاتية باردة ينزل المطر شديدا على غير عادته وكان الشيخ شعبان يرتدى عباءة سمراء تغطى جسده بالكامل، وكان يتمتم ببعض التسابيح وآيات من القرآن الكريم لعلها تسليه، ومما زاد الأمر قسوة بالإضافة إلى الأمطار والبرد الشديد، أن قطعت الكهرباء فأصبحت شوارع القرية مثل لوحة سوداء لا يظهر بها أى شيء.
فكر الشيخ شعبان بأن يسير فى طريق مختصر يصل به إلى المسجد سريعا لعله يحتمى بجدران المسجد من الأمطار والبرد ويا ليته لم يفعل، فسار فى الطريق المختصر بالفعل ومضى بضع خطوات سارها الشيخ شعبان حتى سمع بكاء طفل صغير، فى بداية الأمر لم يأبه ولم يهتم الشيخ شعبان لهذا البكاء ظنا منه أنه من إحدى البيوت على جانبى الشارع، فمضى فى طريقه ولكن البكاء يزيد ويزيد وكان أحد يحمل الطفل ويضعه بجانب أذن الشيخ شعبان، فدب الرعب فى قلبة من وضع طفل صغير فى هذا الشارع الضيق وفى هذا الجو القاسى وفى تلك الساعة، يا ويله عندما أعلمه هكذا كان يفكر ويقول الشيخ شعبان فى قرارة نفسه فالتفت ناحية الصوت وبالكاد رأى طفلا صغيرا مازال لم يبلغ من العمر بضعة شهور موضوع فى لفة بيضاء، والطفل كأن وجهه يشع نورا وينظر للشيخ شعبان، ومن الغريب أن الشيخ شعبان رأى وجهه واضحا بالرغم من انقطاع الكهرباء بالقرية وبالكاد يرى الإنسان يده، فحمله الشيخ شعبان معه إلى المسجد ولكن ظل يفكر أيعود به إلى البيت ام يذهب به للمسجد وينظر فى أمره؟.
استقر الأمر فى النهاية أن ذهب به للمسجد، ولكن ليس حبا فى ذلك، فالبيت كان بعيدا إذا أراد الرجوع والمسجد أقرب غلى الشيخ شعبان من بيته، فدخل المسجد وبدأ يجهزه لاستقبال المصلين لأداء صلاة الفجر، وعبثا حاول والأمطار فى ازدياد والبرد يشتد، وتساءل الشيخ شعبان هل يأتى مصلون فى هذا الوقت وخاصة أنه لا توجد كهرباء؟ لن يعرف الناس أو لن يسمعوا صوت الأذان ولم تكن القرية بالغنية التى يتكفل أهلها بشراء ماكينة كهرباء ... اعتمد الشيخ شعبان على صوته فى إقامة الأذان وبدأ يرفع ويرفع فى صوته لعل أحد يسمعه ويأتى لأداء الصلاة أو على الأقل من هم بجوار المسجد، ولكن القدر كان على موعد مع حدث رائع حدث فى تلك الليلة، فإذا بالشيخ شعبان يبدأ ويقول الله أكبر حدث شىء لم ولن ينساه الشيخ.