القارئ محمود عبد الحكيم‎ يكتب: كيف نعيش بسلام؟

سؤال قد يكون غريباً بعض الشيء، لكن أغلبنا يردده فى وقتاً من الأوقات من بعد أزمة خانقة أو مشكلة بدت كأنها لن تنجلي ولا سبيل للتخلص منها، فيخرج السؤال مع آهات من القلب شديدة عميقة: كيف أعيش بسلام في مثل هذه الظروف؟. فالأصل أن نعيش في سلام مع أنفسنا ومع الذين يحيطون بنا في بيوتنا ومقار أعمالنا والمجتمع والوطن، وصولاً إلى الأرض كلها بأحيائها وجماداتها كذلك. قد يقول قائل: لماذا لا نجد ذاك السلام مع أنفسنا والآخرين؟ والإجابة هي أن السبب كامن في أعماقنا قبل ظواهرنا، فنحن من لا يرغب العيش بسلام.. أتدرون لماذا؟ لأننا إن كنا نطمح فعلياً إلى السلام والعيش بهدوء، ستجد كل منا وقد اتخذ الأسباب والوسائل المؤدية لذلك النوع من العيش، لكن الحاصل هو ابتعادنا عن سابق ترصد أو تعمد أو دون قصد أحياناً عن تلك الأسباب، فتجدنا قلقين متوترين نبحث عن الهدوء والسلام دون أن ندري أننا السبب!! فمن يبحث عن العيش الهانئ المسالم والسليم لا يمكن أن يحسد الآخرين على ما أنعم الله عليهم، أو يحقد عليهم لأي سبب كان، أو أن يشغل نفسه بتوافه وسخافات من الأمور كثيرة، ولا يعيش في توتر وقلق وتخوف وخشية من القادم إليه في مسألة الرزق، وفوق كل هذا لا أظن أن الراغب في العيش بسلام، ينقطع عن ربه لا يلجأ إليه إلا في الأزمات والمحن، بل إن السلام كله والأمن والأمان والطمأنينة تجدهم جميعاً في دوام الصلة بالله الذي من أسمائه الحسنى الكريمة السلام، ومنه السلام. تبارك ربنا ذو الجلال والإكرام. لذا أجد أن من يرغب في مثل تلك النوعية من العيش، لكنه يحسد ويحقد ويتوتر ويقلق لأتفه الأمور، ويخاف على رزقه أن يقطعه فلان وعلان – كما يعتقد هو – لا يمكن أن يصل إلى تلك الحياة الهانئة المسالمة السليمة. إنها معادلة واضحة جلية، فكما تعطي تأخذ، وكما تزرع تحصد أو هكذا تعلمنا من تجارب الحياة المتنوعة. يحكى أن أحد الأثرياء الواعين كان يأخذ على أهل قريته انعدام المبادرة لديهم في حل مشكلات حياتهم، وأراد أن يقدم لهم نموذجاً عملياً فى كيفية التصدى لحل المشكلات وتحدى الصعاب عملياً حتى يعيشوا فى سعادة وسلام، فقام مبكراً ذات يوم وحمل حجراً كبيراً ووضعه في الطريق الرئيسي الذي يسلكه أهل القرية إلى مزارعهم، ووضع تحت الحجر مبلغاً كبيراً من المال، ثم اختبأ خلف شجرة يراقب ماذا سيحدث من الأشخاص الذين سيمرون من أمام ذلك الحجر الذى وضعه وكيف سيتصرف؟؟؟؟. فمر فلاح يجر وراءه بقرة سمينة، فوجد الحجر في الطريق فأخذ يسخط ويلوم، وبالصعوبة مر ببقرته، تاركاً الحجر مكانه . ثم جاء رجل آخر يحمل حزمة من الحطب على كتفه، ويسير في الطريق، فاصطدم بالحجر دون أن يراه، وتعثر ووقع الحطب، وقام الرجل ساخطاً يسب ويتألم، ثم جمع حطبه وحمله وسار في طريقه والحجر لا يزال مكانه، وهكذا مر العديد من الرجال، والتعبير عن السخط والانزعاج والحجر مكانه. وفي آخر النهار مر شاب تبدو على وجهه علامات التعب الشديد من كثرة العمل في الحقل طوال النهار، لكنه لما رأى الحجر منصباً وسط الطريق، شمر عن ساعديه، وحاول بكل جهده وقوته أن يزيحه، وبعد جهد وعناء تمكن من ذلك وأبعد الحجر، فوجد تحته مبلغاً كبيراً من المال، فظن أنه سقط من أحد من أهالي القرية، فرفع صوته منادياً على السائرين في الطريق إن كان أحد منهم قد فقد شيئاً من ماله. وهنا ظهر ذلك الرجل الواعي الذي وضع الحجر وأخفى المال تحته، ليعانق الشاب ويهديه المبلغ ويشكره على مبادرته الطيبة وروحيته الإيجابية، ثم قدمه لأهالي القرية كنموذج لما ينبغي أن يكونوا عليه من التصدي لحل المشاكل وإزالة العقبات، وعدم الاكتفاء بإظهار التبرم والسخط والتألم وأنه بحسن تصرفه فإنه يعيش فى سلام وأمان وهدوء. فالدعوة موجهة لكل من يبحث عن العيش فى سلام أن يواجه كل الصعوبات التى تقابله ويسعى لحلها والشعور بالسعادة حينما يحقق النجاحات والمرور من المحن والأزمات. فمن يقبل تلك الدعوة؟؟؟؟؟؟؟؟



الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;