إن مصر شعبا وأمة ودولة تعيش اليوم فى مرحلة فارقة وفاصلة فى تاريخها الوجودى بين تاريخ وأمجاد الماضى وأزمات وأحداث الحاضر وأمال وتوقعات المستقبل، كما أن مصر الأمة والشعب والدولة قد استطاعت عبر تاريخها المديد أن تقهر الأزمات والنكبات والعواصف والكبوات والانكسارات ودحر وسحق الغزاة والمستعمرين حتى أمسى وأضحى تواصل وتناقل واستمرار وبقاء اسم مصر وموقعها وشعبها عبر الأجيال والقرون والعصور خير شاهد على عظمتها ومجدها وقدسيتها الدينية والإنسانية والتاريخية.
فمصر هى الدولة الوحيدة على كوكب الأرض التى ظل اسمها مرافقا وملازما لشعبها وموقعها وأرضها وتاريخها عبر الأزمان والعصور دون تغيير أو تبديل أو تحريف أو اندثار، ومصر هى الدولة الوحيدة التى بارك وخلد الله جل جلاله اسمها وشعبها وجندها وأرضها وتربتها ونيلها فى القرآن الكريم، ومصر هى الدولة الوحيدة على ظهر كوكب الأرض التى تجلى الله جل جلاله بأنواره الربانية والإلهية على جبل الطور على أرضها فى سيناء، فجعل الله الجبل دكا وخر نبي الله موسى لعظمة ربه صعقا، كما كلم الله جل جلاله موسى تكليما على أرض مصر بالوادى المقدس بسيناء، من هنا فإن أمجاد مصر التاريخية والدينية والإنسانية والحضارية وغيرها عظيمة وخالدة، ويجب أن تكون حاضرة وحافزة ومحفزة لبناء وتشييد حاضر ومستقبل مصر المعاصرة، كما لا يجب أن نتغنى بأمجاد وتاريخ حضارات الماضى الشامخة والخالدة التى شيدها أجدادنا فى أزمانهم ونظل نحن الآن متخلفين ومتأخرين وخارج قوائم منافسات حضارات الحاضر والمستقبل المنشود التى يجب أن نبنى ونشيد بوحدتنا وترابطنا وبسواعدنا أسس وقواعد نهضة وحضارة معاصرة وحديثة لأبنائنا وأحفادنا من بعدنا، من هنا فإن أسس وقواعد بداية بناء نهضة حضارية معاصرة لمصر يجب أن تقوم على الآتى:
●استحضار قواعد وأسس ومفاهيم حضارات وأمجاد الماضى لتكون قاعدة لبناء نهضة وحضارة مصر المعاصرة
● استحضار حضارات الآخرين من الدول المتقدمة والمعاصرة لتكون بداية نقطة وقاعدة الانطلاق لبناء نهضة وحضارة مصر المعاصرة
●إعلاء مفاهيم القيم الإسلامية والدينية والإنسانية والأخلاقية والروحية بين طوائف ومكونات أجيال المجتمع المصري المتعاقبة .
●ترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية والاجتماعية بين مكونات المجتمع المصرى .
●إعلاء قيم ومكارم الأخلاق فى المجتمع المصرى .
●تكريس مفاهيم وأسس المواطنة والتسامح والتعايش والقبول بالآخر المختلف فكرياً وعقائدياً وأيديولوجيا.
●إعلاء قيم وقيمة العلم والعلماء والعمل فى المجتمع المصرى .
●بناء قواعد علمية وبحثية وتكنولوجية حديثة ومتقدمة ومعاصرة .
●بناء وصناعة وتأهيل مشروع الباحث والعالم والمخترع الصغير .
●إعادة صياغة وتأهيل وتطوير وتحديث العملية التعليمية والبحثية فى مصر .
●تحرير الفكر البحثى والعلمى والتعليمى والادبى والثقافى وغيرها من القوانين والبيروقراطية والقيود والسلاسل المتحجرة والجامدة والمستوطنة والمتوارثة.
●الربط الكامل بين مخرجات العملية التعليمية والبحثية وجميع العمليات الإنتاجية والصناعية والتكنولوجية والإقتصادية فى مصر .
●بناء قواعد صناعية وإنتاجية وزراعية واقتصادية وطنية فى مصر .
●إعادة تأهيل وبناء أسس وقواعد الإقتصاد الوطنى المصرى القائم على مدخلات ومخرجات وطنية ومصرية كاملة .
●تفعيل برامج الإستثمار الخلاق والبناء القائمة على عبقرية المكان والزمان والإنسان والتاريخ والموقع والحضارات المصرية العريقة .
من هنا فإن بداية نهضة مصر المعاصرة لن تقوم إلا فى ظل اقتصاد وطنى متحرر وقوى، وكذا فى ظل بناء قواعد علمية وتكنولوجية وصناعية وزراعية وخدمية وبحثية وغيرها مستحدثة ومتطورة، وكذا فى ظل أصول رؤوس أموال وطنية قوية وراسخة ومستدامة، وكذا فى ظل إدارة وحكومة رقمية عصرية، كما لن تبدأ نهضة مصر إلا بتطوير وتحديث جميع القوانين والنظم والمؤسسات الحكومية والتنفيذية وغيرها من التعقيد والبيروقراطية المقيدة لحرية الرأي والفكر والإبداع والإختراع وغيرها، علماً بأن النهضة الحقيقية للامم والشعوب تقوم على مبادئ الحرية والديموقراطية والعدالة والمساواة والحكم العادل والرشيد، كما تقوم على ترسيخ مفاهيم المواطنة والعدالة الإجتماعية وكذا إعلاء قيم وقيمة العمل والعلم والعلماء، ولن تبنى نهضة مصر المعاصرة إلا بسواعد وأموال وعقول وأفكار وإبداعات المصريين أنفسهم .