خالد زهير يكتب: التغيير الحقيقى يبدأ من هنا

لندرس معا شعارات الثورة. هل هى شعارات جديرة بأن نسعى لها أم لا ؟ ودراسات شعارات الثورة لا تعنى أنى أو أنك معها أو ضدها. فهى دراسة مجردة للشعارات المرفوعة. وبالتالى لا يجب أن نتوقع أن ننقسم فريقين. فريق يؤيد الثورة وبالتالى يؤيد كل شعاراتها وفريق آخر ضدها وبالتالى ضد كل شعاراتها. وإنما سننقسم إلى أكثر من فريقين بصرف النظر عن موقف كل منا من الثورة.

رفعت الثورة شعارات عيش - حرية - عدالة اجتماعية - كرامة إنسانية. أتفق مع شعارين: حرية وكرامة إنسانية. وهى شعارات غير مادية.

وأختلف تماما مع الشعارين الآخرين: عيش وعدالة اجتماعية! فشعار "العيش" يعنى أقل القليل للبقاء على الحياة. هذا شعار سلبى يقتل طموحاتنا قبل أن تولد. وقد يقال العيش أولا ثم نتقدم خطوة بخطوة لمجتمع الرفاهية وهذا هو الوهم الكبير. فطالما كان همنا هو لقمة العيش فسيبقى هذا هو همنا! والدليل أن هذا الشعار موجود ومستقر مع تغيير كل النظم السياسية. والغريب أن تحقيق الرفاهية أسهل من تحقيق العيش! فلو أردت مثلا أن تصبح وزيرا فالطريق ليس بصعود السلم خطوة بخطوة فى الوزارة. وهكذا كان الحال دوما وهو صحيح اليوم أكثر من أى وقت مضى. أخيرا ما آرى الدعوة للعيش سوى دعوة لبقاء الحال كما هو من حيث أنه هدف مطاط يخفى وراءه حاجتنا الدائمة لأن يظل هناك دوما ما نشكو منه! وبدلا منه أدعو للرفاهية. فهى دعوة إيجابية تتطلب أن نتغير كلنا وأن نفكر معا كيف نصل إليها بأسرع وقت ممكن.

أما الشعار الثانى فهو الحرية. وأستسمح القارئ فى استعارة بعض المعانى من الويكيبيدا لكى تساعدنا فى تقييم الشعارات:"الحرية هى إمكانية الفرد دون أى جبر أو شرط أو ضغط خارجى على اتخاذ قرار أو تحديد خيار من عدة إمكانيات موجودة." والحرية فى ثورة 25 يناير كانت منصبة على الحرية السياسية. بمعنى حرية الرأى وحرية إقامة الأحزاب وخلافه. والآن بعد الثورة أمتد مفهوم الحرية ليشمل أيضا الحرية الشخصية. كما تخطت الحرية السياسية مفهوم التحرر من السلطة السياسية الحاكمة لمفهوم التحرر من قيود المجتمع فأمتد مفهوم الحرية لحرية الفكر والعقيدة وغيره. والأهم مفهوم الحرية لنا وللآخرين أى تقبل الآخر والحرية هدف سام أؤيده.

وبالطبع للحرية حدود. وحدود ديناميكية تتغير مع الوقت. فأعتبر هذا الهدف هدف سامى يعنى أن نزيد من مساحة الحرية بكل معانيها وأن نسرع فى توسيع حدود الحرية أكثر مما نفعله الآن.

عدالة اجتماعية. بنى هذا الشعار على أساس أن مشكلتنا هى توزيع الدخل! فمفهوم العدالة الاجتماعية فى ويكيبيديا هو: "نظام اقتصادى، اجتماعي يهدف إلى إزالة الفوارق الاقتصادية الكبيرة بين طبقات المجتمع." وممكن أن نتكلم كثيرا عن مشكلة توزيع الدخل ولكن الأهم من وجهة نظرى أن نتكلم عن زيادة الدخل الكلى. فمشكلتنا الأساسية أن دخلنا كدولة لا يكفى أو لا ينمو بصورة جيدة.

بنظرة سريعة على أرقام متوسط دخل الفرد فى الدول (http://data.worldbank.org/indicator/NY.GDP.PCAP.CD ) ومتى نصبح فى مصاف الدول الآخرى سنجد أن متوسط دخل الفرد فى مصر اليوم يعادل تسعة فى المية من متوسط دخل الفرد فى إسرائيل وستة فى المية من دخل الفرد فى أمريكا. وإذا نظرنا إلى متوسط زيادة دخل الفرد فى آخر عشر سنوات قبل الثورة وأعتبرنا أنها ستستمر بنفس المعدل سنجد أننا سنصل إلى نصف متوسط دخل الفرد فى أمريكا أو إسرائيل عام 2075. فهل هذا ما نريد؟ لست من هواة النظر فى الأرقام عموما. وأعتقد أن الفجوة بيننا وبين العالم تقل بأسرع كثيرا من الأرقام الإقتصادية والمنحنيات البيانية. وما أريد أن أقوله هو أن الفجوة بيننا وبين العالم الأول تقل ولكننا نستطيع أن نقلل الفجوة بصورة أسرع.

أما الشعار الأخير فهو الكرامة الإنسانية: "الكرامة الإنسانية هى قيمة تولد مع تشكل الإنسان." نعم نحن كلنا نستحق أن نعامل بكرامة بصرف النظر عن الثروة الشخصية، الآراء السياسية، الذكاء وخلافه. واليوم مع التقدم فى كل مجالات الحياة فى العالم كله أصبح هذا المطلب طبيعيا جدا وممكن تحقيقه.

هذا ما آراه. إذا أردنا أى تغيير حقيقى فعلينا أن نعيى أن من حقنا اليوم الاستمتاع والسعى للحرية والكرامة الإنسانية وأن نسمو بأحلامنا المادية لتكون الرفاهية بدلا من العيش وتكون زيادة الدخل القومى أهم من عملية توزيع الدخل. وبنظرة آخرى فبدلا من السعى لحل "مشاكلنا" علينا أن نحلم ونسعى لتحقيق أحلامنا بأسرع وقت بدون خوف من كل ما هو جديد أو غريب.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;