مرضى على الطراز الحديث

هل قيمة الإنسان تتمحور في إعجاب الجنس الآخر به فقط؟! هذا السؤال الذي لطالما حيرني، لماذا لا يجد بعض الرجال أو النساء قيمتهم سوى في هذا الأمر؟! فهناك رجال لا يهدأ لهم بال إلا بلفت نظر النساء لهم، وتجدهم لا يتوانون عن الإتيان بأي فعل في سبيل جذب النساء لهم، وإقامة علاقات معهم، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض النساء اللائي يظنون أن إعجاب الرجل بهنّ هو قمة النجاح بالنسبة لهنّ، ولذا نجدهنّ يسعين إلى عمليات التجميل من أجل لفت الأنظار، وكأن جمال الشكل هو كل شيء. ولكن تلك الأفكار، وللأسف الشديد أفكار واهنة ومؤقتة ولا قيمة لها، بل على العكس من ذلك فهي تنال من صاحبها لأنها تجعله شخصًا رخيصًا، قيمته مُرتبطة بمشاعر واهنة ومُزيفة، وغير حقيقية، فقيمة الإنسان تتمركز في مبادئه، واحترامه لنفسه، ووضعه لذاته في مكانه مُحددة يرفض أن يخترقها أحد. فليست ميزة أن يُوهم الرجل نفسه بأنه "دُنجوان"، فهو في هذه الحالة يتحول إلى سلعة رخيصة، أي امرأة تستطيع شراءها بأبخس ثمن لكي تحصل على مصالحها ببضع كلمات معسولة لا قيمة لها، وللأسف فهو يلهث وراء نظرات الإعجاب، وتلك العلاقات المُؤقتة، ويخسر مُقابل ذلك احترام الآخرين له، ورُبما يخسر مشاعر صادقة ومُحترمة، لأنه لا توجد امرأة تحترم نفسها تقبل أن تحمل مشاعر، أو تُقيم علاقة محترمة مع رجل يلهث خلف كل امرأة تشير إليه، بحثًا عن لذة مؤقتة بلا قيمة، فهو يتحول في نظرها إلى رجل رخيص، ولذا لا تعبأ به، ولا تستكمل مشوار الحياة معه. وكذلك المرأة التي لا ترى سوى جمالها، لكي تفوز بإعجاب أي رجل، أو تفوز بزيجة مُريحة فهي امرأة ضعيفة، لا تملك أي مُقومات عقلية، وهي بهذا الفكر تتيح للرجل أن يستبدلها بمَنْ هي أجمل منها، وهكذا تُحول نفسها إلى كيان بلا قيمة يسهل استبداله في أي وقت. فقيمة الإنسان في كيانه، ومبادئه، وأخلاقه، فمن يرفض أن يكون مُباحًا للآخرين هو من يستحق احترام وتقدير مَنْ حوله، وهو مَنْ يجد الحب الصادق والحقيقي، لأن المرأة لا تحترم سوى الرجل صاحب العين المُمتلئة الذي يضع تفسه في إطار يرفض اختراقه على الإطلاق، سوى من الإنسانة التي يختارها قلبه وعقله، وأيضًا الرجل لا يحترم سوى المرأة التي تصنع لنفسها كيانًا مُتكاملاً لا ينحصر في جمالها الخارجي فقط، بل يمتد إلى كينونتها بالكامل. فأبعدوا عن أنفسكم الهوام الذين يحومون حولكم، ويُرخصون من مقداركم، عندما يدخلون حياتكم، فقيمتكم تقل بوجودهم، لا تزداد كما تظنون، ولا خلاف على أن تلك السلوكيات تنمّ عن المرض النفسي، وعدم الثقة في النفس، ونوع من أنواع المراهقة، علاوة على الاضطراب، فمما لا شك فيه أن هؤلاء مرضى، ولكن على الطراز الحديث. بقلـــم د./ داليا مجدي عبد الغني



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;