داليا مجدي عبد الغني تكتب : تكلفة العودة

عندما تظن أن الحياة قد وهبتك نعمة جميلة، وتحرص على اقتنائها والحفاظ عليها، وتتجاهل كل سلبياتها، وتسعى جاهدًا لاستمراريتها في حياتك، وربما تبني آمالك وأحلامك عليها، وكلما ظهر أمامك شيء يُؤكد لك استحالة الاستمرار تُنحّي نظرك عنه، وتستمر في خطاك أملاً منك في استكمال مسيرة الحياة مع ذلك الشيء الذي تظنه نعمة.

ولكن السؤال هل ما نفعله صحيح؟! هل كوننا نتجاهل السلبيات، ونظل مُصرّين على تحقيق أحلامنا الواهية مع الأشخاص الخطأ يعتبر ذلك سلوكًا إيجابيًا.

بالقطع هناك من سيُجيب بالنفي، ولكنه سيقول أن كل شيء يُمكن العدول عنه إلا في الأمور العاطفية، لأنه يصعب توجيه القلب، وأنا أوافق وبشدة على هذا الرأي، ولكن ماذا ستقولون لو أكدت لكم أنكم ستعدلون عن قراراتكم في يوم ما، ولكن بعد أن تكونوا قطعتم شوطًا كبيرًا من الآلام والأحزان.

فهناك حكمة تقول: "عندما تركب القطار الخطأ، حاول أن تنزل في أول محطة، لأنه كلما زادت المسافة زادت تكلفة العودة".

فما أصعب أن تعيش سنوات في أوهام وخداع، ويُمكن أن تكتشف الحقيقة بمحض الصدفة، وتلك الصدفة لم ترتب لها على الإطلاق بل أن القدر هو الذي يُرتبها لك لكي تتجلى حقائق الأمور أمام عينيك، وليس بالضرورة أن ترتبط مُقدراتك بالصدفة، بل يمكن أن تظهر الحقائق من خلال التعامل، وغيرها العديد من الأمور، ولكن علينا أن ننزل في أول محطة عندما نكتشف أن اختياراتنا كانت خطأ، ربما سنتألم بعض الشيء في بادئ الأمر، ولكن هذا أفضل مليون مرة من الاستمرار حتى الوصول إلى آخر محطة، وللأسف، وقتها سيكون ضاع العمر، والوقت، والجهد والأعصاب، والإرادة، وربما لا يكون معنا حينها تكلفة العودة، فنضطر أن نظل قابعين في أماكننا نبكي على حظنا العاثر، ونتمنى لو أننا اكتشفنا الحقيقة قبل فوات الأوان.

وصدق الله تعالى عندما قال في كتابه العزيز: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

وأخيرًا، إذا تراءت لك الحقيقة في أي مرحلة، فانزل فورًا في أول محطة، حتى لا تتكبد مشقة العودة من مشوار طويل، وتأكد أنه كلما طالت الفترة كلما كانت دُمُوعك أكثر، وآلامك أشد، وقُدراتك أوهن، والأهم من ذلك أن تكلفة العودة ستكون أزيد من توقعاتك. وبالمناسبة هناك أشخاص لا تستحق من الأساس البُكاء عليها، بل إنهم في واقع الأمر لا يستحقون أكثر من النسيان، ومن أول لحظة، فهذه هي قيمتهم الحقيقية.



الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;