حلمى عبد الشافى يكتب: الفقر هو أساس الجريمة

الفقر هوه الشعور بالانكسار والذل والظلم والإقصاء والتهميش فى ظل غياب العدالة الاجتماعية، وحرمانهم من التمتع بقدر كافٍ من الحياة الكريمة العادلة، وعدم قدرة الإنسان على تلبية احتياجاته الأساسية لتتحول الحياة إلى معركة تبدأ رحاها وتنتهى فى تأمين رغيف خبز يكفيه. إن الفقر هو الوحش الذى يلتهم العقول ويقتل القلوب ويخنق الأحاسيس الإنسانية ويجعل المرء يهيم فى درب الحياة دون أمل، وعندما تزداد ضغوط الحياة أكثر من المعقول والمحتمل وتتسع الهوه بين أفراد المجتمع ويستشرى الفساد والمحسوبية ينتاب الناس مشاعر الحقد ويجنح الفقراء إلى ممارسة العنف وترتفع معدلات انتشار الجرائم فضلاً عن الاضطرابات وانعدام الأمن والأمان. الفقر ظاهرة اجتماعية متعددة الجوانب فليس الفقر نقصًا فى الدخل فحسب، أو حتى ندرة فى فرص العمل ولكنه أيضًا تهميش لطبقة من المجتمع، وحرمان الفقراء من المشاركة فى صنع القرار، وإبعادهم من الوصول للخدمات الاجتماعية. فى مصر تقول الإحصاءات إن أغنى 20% من السكان يحصلون على 44% من الدخل القومي، وإن أفقر 40% منهم يحصلون على أقل من 9% فقط، هذه الفجوة وهذا الحرمان البشرى يعنى أيضا نسبة بطالة تطال أكثر من 12% من السكان حسب أكثر الإحصاءات المستقلة تحفظا، تعنى أيضا وجود نحو 12 مليون مواطن يعيشون فى المقابر والعشش مع انتشار أكثر من ألف منطقة عشوائية تقول الدراسات الاجتماعية إنها بيئة واسعة لتفريخ الجريمة والإرهاب وتجارة المخدرات والدعارة والتفكك الأسرى والعنف بكل أشكاله. أينما يكون الفقر، ترتفع معدلات الجريمة، تلك معادلة لا يختلف عليها اثنان، ليس هناك مكان فى العالم يخلو من الفقراء، لكن يختلف الأمر باختلاف الموارد وإدارتها. ففى دول تعانى من مشكلة الفقر تاريخيا، يصبح الأمر عادة على سكان هذه الدول التأقلم معها، غير أن دولاً عظمى باقتصادياتها، وبتنوع مواردها، لا تخلو من نسبة عالية من الفقراء بين سكانها، وذلك بسبب تحكم الأقلية الغنية بالأكثرية الفقيرة. ولا تستطيع الدراسات التى قام بها الخبراء فى علم الإجرام، أن تفصل بين الإجرام وتزلزل الحالة الاقتصادية للفرد أو المجتمع، بل تؤكد أنها تعود إلى أسس اقتصادية ينتج عنها عدم توافر مستلزمات الحياة الضرورية، أو عدم إمكانية إشباع الاحتياجات الإنسانية. وقد لوحظ وفقا للدراسات الإحصائية التى أجريت فى إنجلترا، أن ثمة علاقة وثيقة بين عدد الأحداث المنحرفين وبين أوقات الأزمات الاقتصادية، كما لوحظ ارتفاع معدل الجريمة بين الأحداث الذين يقطنون المدن الكبرى عنها بين أولئك المقيمين فى المدن الصغرى أو القرى. وإليك دليل على ذلك، الدراسات الميدانية التى قام بها الخبراء والعلماء. دراسات تؤكد تلك الحقيقة: من السابقين فى هذا الميدان الباحث الإيطالى (فورنا ساري) الذى أثبت فى أبحاثه أن أكثر الطبقات فقرا فى إيطاليا والذين يمثلون حوالى 60% من سكانها، يساهمون فى تكوين 85% من المجرمين. ويذهب الباحث الألمانى فى علم الإجرام (يرى برس): أن الفقر يولد الجريمة، بدليل أن النظام الحالى للمجتمع قد أدى إلى ارتفاع منسوب الجرائم، وهذا النظام بطبيعته يجعل الطبقة الفقيرة هى الغالبة. ويرى الدكتور (سيريل بيرت) أن الطبقة الغنية لا تمثل أكثر من 8% من سكان العاصمة البريطانية، وأن 37% منهم قد انحدروا من الطبقتين التاليتين اللتين تمثلان الفقراء المتوسطين، رغم أن هاتين الطبقتين تمثلان 22% فقط من سكان المدينة. وترى الباحثة الغربية (مس مارى كارتير) فى كتابها (الأحداث المنحرفون) أن المنحرفين ينقسمون إلى خمس مجموعات هى: الأحداث المذنبون الذين يتميزون بالجسارة والجرأة، وهم أولئك الذين لفظهم المجتمع، ولم يعودوا يقيمون وزنا للقانون أو الإنسانية، ويرجع انحرافهم فى الغالب إلى الطفولة المضطربة. الأحداث الخطرون، وهم الذين تربوا فى أحضان الجريمة، ودفعهم إليها آباؤهم أو المجرمون المحترفون، كأصحاب مدارس النشل وعصابات إفساد الأخلاق. الأحداث الذين لم تكن لديهم ميول إجرامية، ولكن الإهمال الآثم الذى بدا من والديهم، والحاجة إلى الشعور الدينى والتأثير الأدبى داخل المنزل يقودهم بالتدريج إلى الانحراف. وانتهت الباحثة من عرض هذه المجموعات وعلقت عليها بأنه يبدو بوجه عام أن الفقر من أهم الأسباب الرئيسية لجرائم الأحداث.



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;