محمود حمدون يكتب: "قانون مور "وتزايد الهوّة بين الأجيال

بشىء من التطويع، يمكن تطبيق قوانين خاصة بظواهر محددة على مشكلات وظواهر اجتماعية، ومن بين أهم تلك القوانين التى تتعلق بالتقنيات الحديثة وتطورها قانون "مور" نسبة لمكتشفه "جوردون مور" أحد مؤسسى شركة إنتل، عام 1965 واقتباسا من الفكرة الرئيسية لقانون "مور" القائلة بأن التطورات المتسارعة لتقنيات المعلومات، تتجدد بالكامل كل فترة زمنية لا تزيد على عامين تقريبا، بمعنى أن التقنية الحالية تصبح قديمة وبالية بمرور عامين لظهور تطورات حديثة حادة أقل فى تكلفة الاستخدام وأكبر قدرة على الأداء أو لتقلّبات فى أذواق المستهلكين. وتتلخص فكرة قانون "مور" أن البحوث التطبيقية العلمية الحديثة تسارعت بشكل كبير، وللتقنيات نفسها دور فى إحداث هذا التسارع والتطور، بمعنى أن التقنية تسهم فى المزيد من التطورات والتغييرات الحادة للتطبيقات التقنية نفسها ما يعنى أنها دوامة كبيرة لا تنتهى أو لا تبدو نهاية لها فى الأفق القريب ولا نعرف كمّ ونوعية التقنيات الحديثة بعد سنوات عشر مثلا . وسيرا على ذلك، يمكن اعتبار قانون "مور" أساسا لتفسير كثير من الظواهر الاجتماعية المعاصرة بالعالم أجمع وبمصر بالتحديد، فالتغييرات الاجتماعية الحادة فى الفترة التى أعقبت أحداث يناير 2011، تسارعت بشكل كبير وبصورة حادة تقترب تتشابه كثيرا مع التقلّبات التقنية الحديثة، فالأحداث كانت ولا تزال كبيرة فى مجملها ويمثل كل منها منعطفا تاريخيا (بحسب التعبير السياسى الشائع) لدرجة لم يعد بمقدور أجيال كثيرة حالية أن تلحق بها وعيا وإدراكا (اللهاث المجتمعى لتدارك ما يحدث)، وإن حدث فهو وعى قاصر وإدراك مشوّه لكثرة الزخم الإعلامى والمعلوماتى وصعوبة الفرز بين الغث والسمين أو بين السيئ والجيد منها . المشكلة أن التطورات السياسية والاجتماعية التى حدثت خلال 5 سنوات فقط، تمت باستغلال جيد وتوظيف عصرى لأدوات التواصل الاجتماعى أحد نتائج التطبيقات التقنية الحديثة، فأحدثت فجوة وأوجدت صراعا مجتمعيا مكتوما تحت السطح، صراع بين أجيال صاعدة، تعيد صياغة الواقع السياسى والاجتماعى وفق رؤيتها وبتوظيف جيد لتقنيات المعلومات الحديثة (وعلى رأسها مواقع التواصل الاجتماعى) وبين أخرى جامدة، مستقرة بمكانها، حتى أتاها طوفان رقمى أزاح نظاما سياسيا فى طرفة عين. ونخشى أن التغييرات المجتمعية المصحوبة بقوة دفع رقمية رهيبة، تعمل على توسيع الهوّة بين الأجيال الحالية بالمجتمع، بين فئات تسهم بقوة فى صنع أو صياغة هذه الأحداث والحوادث وأخرى تُنكرها وتُنكر التسارع المجتمعى نفسه . قانون "مور" لا يزال يُحدث أثره مجتمعيا بالعالم العربى وبمصر منذ سنوات، يفسر لنا قوة وتعاقب التغييرات السياسية والمجتمعية، يوضح لنا أن ما كان مستقرا بالأمس القريب، يصبح لغوا اليوم أو فى الغد القريب، لا شىء مستقر أبد الدهر ولا ثوابت فى عالم مضطرب . قانون "مور" تمتطيه الأجيال الجديدة عن وعى أو جهل بقدرته لكنها تستغله فعليا وفى طريقهم يعصفون بمستقرات وثوابت مجتمعية كثيرة (سياسية بالأخص)، ويبدو أن الوقوف أمام عجلة التطور التقنى المجتمعى من الغباء بمكان، ومن يفعل يصبح كمن يقف أمام قطار مندفع بأقصى سرعته. وعلى نفس المنوال فالوقوف فى حركة التطور والتغيير المجتمعى عبث وقبض الريح، المجتمع شأن الكائن الحى يتطور وينمو بيولوجيا، ويجرى عليه ما يجرى على كافة الموجودات الحية .



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;