ناهد زيان تكتب: من فريدة إلى جدتى

جدتى الحبيبة سلام عليك فى عالمك الجميل، جئت الدنيا للتو جدتى غير أنك لم تكونى فى انتظارى كشقيقاتى، أسمونى فريدة ودون قصد منهم جاء الاسم موافقا لحالى أكثر من أى اسم غيره على الإطلاق؛ نعم فريدة أنا بين كل الأحفاد فأنا أول حفيد يولد بعد رحيلك. كنت أسمع أمى وأنا لازلت فى عالمى المخملى الوديع وفى مملكتى الخاصة الخالية من الصخب تردد كثيرا أنها ستكون وحيدة هذه المرة، وحيدة دون أم تقف على باب غرفة العمليات تدعو لها بلهفة ثم تتلقى صغيرتها بحنو واهتمام ومحبة موزعة تركيزها بين الاثنتين الصغيرة والوالدة معا تراقب هذه وتهدد الأخرى، نعم كانت أمى تردد ذلك الحديث وأشباهه مرارا دون ملل حتى أشفقت عليها من إحساسها بالوحدة بين هذا الحشد من البشر فى حين أنى لم أشعر بمثل تلك الوحدة يوما، وأنا فى عالمى الضبابى الفسيح أجاور نبضات قلب أمى وأتفاعل معها. جدتى ساورتنى شكوك كثيرة أن أمى لا ترحب بقدومى لافتقادها إياك وشعورها بهذا الفزع الغريب، حتى أنها كانت تملى وصيتها على أبى وخالتى وكأنها ستغادر هذا العالم وتتركنى فيه وحدى!! فى تصرف جديد عليها-كما عرفت من حديثهم- لم تفعله من قبل وحين سألوها ولم هذا الحديث الغريب عليها هذه المرة وكأنها للمرة الأولى تلد وتدخل غرفة العمليات أجابتهم بصراحة وحسم: قبل ذلك كانت أمى معى فلم أخش على صغارى شيئا!، كانت تحزننى تلك الكلمات بقدر ما كانت تقلقهم. ولعلك تعرفين أن للصغار بأحشاء أمهاتهم إحساس وتأثر ومشاعر متنوعة لو علمتها الأمهات ما تلفظت بقول قاس ولا اختبرت سيئا حتى لا نتأثر. ولأنها المرة الأولى لحفيد من أحفادك يلج إلى الدنيا فى غيابك –شكليا- عنها، ولأنهم يقولون إن لكل من اسمه نصيب، فقد كانت تلك هى المرة الأولى التى تدهورت فيها حالة أمى بعد مولدى مباشرة بشكل أنذر بالخطر الشديد ولذا انقلبت الدنيا فى تلك الحجرة الصغيرة التى كنا بها، أطباء وممرضات وسيدات كُثّر وحديث وضجيج أفزعنى وكأنهم يخبروننى أننى ودعت عالما هادئا وجميلا إلى الأبد. ساءنى انشغالهم عنى بأمى الحقيقة، نعم استأت كثيرا ووجدتنى أسأل نفسى: هل كانت الحال تختلف معى لو كانت جدتى هنا؟، هل كنت سأحظى ببعض اهتمامها ورعايتها وسط هذا الحشد المنشغل عنى؟. الحقيقة جدتى أنى أعرفك منذ وقت طويل وأسمع حكاياتهم عنك بحب وشغف ودعابات فى بعض الأحيان، كنت أسمع أمى تحدثك وهى عند مرقدك وكأنك تبادليها الحديث وأزعم وأنا بعدُ صغيرة فى مهدها جاءت الدنيا منذ قليل أن علاقتى بك من خلال ما سمعت جعلتنى أكبر سريعا وأفهم كثيرا وأحبك أكثر رغم عدم التقائنا أبدا، ويقينى أننى سأحب أمى كما أحبتك هى، فمن الصعب ألا نتأثر بكل هذا الحب. وختاما جدتى لك من حفيدتك الجديدة الفريدة كل المحبة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;