رضوى عباس إبراهيم يكتب: لسان عربى مبين

لغتنا العربية.. لغة الضاد.. لغة القرآن التى نطق بها رسول الله سيدنا محمد (عليه الصلاة والسلام )، ونزل بها القرآن الكريم لتنبثق منها روح الإسلام العظيم. يحتفل العالم العربى فى الثامن عشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمى للغة العربية، وهو اليوم الذى أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية، إثر اقتراح المغرب والسعودية بمنظمة اليونسكو لتكون إحدى لغات العمل الرسمية بالأمم المتحدة، ولقد كان لهذا القرار أثر كبير فى نفس المواطن العربى باعتباره اعترافا بمكانة لغتنا العربية الرفيعة الشأن أمام العالم أجمع. وبالطبع تستحق اللغة العربية أن تكون إحدى أكثر اللغات انتشارًا فى العالم، نظرًا لقيمتها الدينية والأدبية، فقد لقبت بلغة القرآن حيث نزل الكتاب بلسان عربى مبين، وتناقلت الأحاديث النبوية بها ومعظم الشعائر الإسلامية لا تتم إلا بإتقانها، وهى أيضًا لغة شعائرية لدى بعض الكنائس المسيحية فى الوطن العربى، ولقد عبرت العربية إلى البلدان المجاورة و تركت أثرًا كبيرًا فى لغات العالم الإسلامى . وللغتنا العربية تاريخ عظيم، فهى من مجموعة اللغات السامية التى تضم لغات حضارة الهلال القديمة ومنها شبه الجزيرة العربية، وقد أصبحت لغة العلم والأدب خلال العصر الذهبى للدولة الإسلامية، فلها إرث ثقافى عتيق حيث كانت مقصد شعراء الجاهلية وشعراء العرب وحتى عصرنا هذا . ولقد تغنى بها العديد من شعراء العالم العربى فخرًا، ومنهم المتنبى حين قال: (وبهم فخر كل من نطق الضاد ... وعوذ الجانى وغوث الطريد)، وشوقى حين تغزل فيها قائلاً: (إن الذى ملأ اللغات محاسنًا ... جعل الجمال وسره فى الضاد) . فالعربية لغة تشتهر بثرائها اللغوى العميق، لما تحتويه من ألفاظ قيِّمة ساعدت الشعراء على مر العصور على إطلاق مشاعرهم حتى امتازت قصائدهم بقوة التعبير وروعة البلاغة فيها ما بين جمال الصور وإيقاع الأوزان التى تمتع موسيقاها آذان من يستمع إليها . ليس هذا فقط، فقد وُجدت العديد من المجلدات والمؤلفات والمخطوطات مكتوبة بلغتنا العربية التى أبهرت علماء الآثار بما تحمله فى طياتها من الأصالة والجمال . فالحرف العربى له قيمة فنية عالية يدركها كل من تذوق التراث الشرقى الأصيل، فالخطوط العربية المتنوعة يتمتع كل منها بطابع خاص منفرد عن غيره وبينها اختلافات عديدة ومنها: (الكوفى، والنسخ، والديوانى، والثلث)، وقد أبدع الفنانون فى أعمالهم بإبراز جماليات الحرف العربى فى تصاميم لوحاتهم الرائعة، ويتربع على عرشها الفن الإيرانى الذى اشتهر بتميزه فى العصر الحديث . إن الوطن العربى يمتلك تاريخًا غنيًا بلغة تأتى على رأس أعظم لغات العالم، وهذا يُوجِب الحفاظ عليها عبر الأجيال، ومما يؤسفنا الآن هو تبنى الجيل الجديد للغات أخرى واحتقارهم للغة العربية، فنسمعهم يُدخلون مفردات أجنبية فى أحاديثهم اليومية وكأنه اتباعًا لقواعد الإتيكيت. فالإتيكيت هو فن التعامل مع مواقف الحياة اليومية وليس فن إتقان اللغات . ولقد وصل التباهى بمدارس اللغات التى انتشرت مؤخرًا إلى مرحلة أفقدت الطفل احترامه للغته الأم .لا شك أن دراسة اللغات جيدة فى حد ذاتها، ولكن دراستها هدفها العمل بها فى المهن التى تتطلب ذلك أو لإثراء ثقافة الطالب اللغوية، لمساعدته فى ترجمة المراجع البحثية وليس استبدالاً للغته الأصلية . وقد اتخذت العديد من دول العالم العربى خطوات جادة فى محاولة إحياء اللغة العربية، ومنها دبلجة أفلام الرسوم المتحركة باللغة العربية الفصحى، وهى خطوة شديدة الإيجابية لتأسيس لسان الطفل العربى وتدريبه على النطق السليم للغته الأم . أيضًا شاهدنا فى الفنون الحديثة، إعادة إحياء للخطوط العربية باستخدامها فى زخارف الملابس والحقائب ونقوش الحُلى وعدد من الفنون اليدوية البديعة، فنحن حقًا نمتلك كنزًا من كنوز العالم، يفوح عطره بعبق التاريخ، لغة تحتضن العلم والأدب والجمال فى آن واحد، إنها اللغة الأم التى سيظل ينطق بها دومًا لساننا .. لسان عربى مبين .



الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;