محمد أبو هرجة يكتب : كـــابوس مـــــؤقت

فى الصباح بعد أن انتهى من تناول الإفطار وارتدى ملابسه سريعا متجولا فى الشوارع والحوارى والأماكن القديمة والشعبية حاملا جرائد الصباح حسب ما تعود وبعض المجلات إن أمكن . كاتب مثل الأستاذ جمعة مميزا بشكل كبير بطاقيته السوداء القطنية التى لا يخلعها صيفا ولا شتاء وملابس كلاسيكية واسعه تريحه أثناء رحلة المشى الطويلة حيث يلتقى بشخصيات كثيرة يتحدث معهم يكوُّن منهم حكايات وروايات . وأثناء رحلته وجد أنه قد نسى علبة السجائر ووجد أمامه ابراهيم بائع السجائر صاحب الخمسون عاما وقد يبدو من هيئته الانيقة انه كان فى منصب ما وضاقت به الأحوال حيث ملابسه الأنيقة ونظارته الذهبية وحدث خلاف معه على سعر علبة السجائر حيث يرفع ابراهيم جنيها عن سعرها الرسمى فيعاتبه جمعه وينفعل إبراهيم و مد يده بعنف لياخذ علبة السجائر من يد جمعه والذى إندفع الدم فى وجه واستشاط غيظا ولكن فى تلك اللحظة العصيبة يتدخل فى الوقت المناسب رجلا عجوزا يدعى عمران يرتدى جلبابا ابيض وشعره أبيض تقريبا نفس لون جلبابه ونظارة شمسية من الطراز القديم خضراء اللون و رغم سنه الكبير الا أن كلمة واحدة خرجت منه لابراهيم قائلا : خلاص يا ابراهيم إديله العلبة دى وعلى حسابى عيب تعمل كدة مع الاستاذ المحترم حاول تميِّز بين الزباين . يسكت إبراهيم وكأن الحاج عمران هذا قد صَوَّب اليه سلاحا قائلا : طلباتك أوامر يا حاج عمران حقك عليا يا أستاذ جمعة : خلاص الموضوع إنتهى . ابراهيم : انا آسف أعصابى بتفلت منى حقك عليا وقبل رأسه . هنا يتدخل الحاج عمران قائلا لجمعة : الاستاذ إسمه ايه لو مؤاخذة . جمعة : جمعة يا حاج عمران . الحاج عمران : موش هتفرق أهو النهاردة الخميس وبكرة الجمعة ويضحك الجميع بصوت عالى بسبب خفة دم عمران ويطلب عمران من جمعه أن يصحبه إلى المقهى لتناول الشاى ويوافق جمعه وينطلقا الاثنان باتجاه القهوة الشهيرة بالعمارة الأشهر أمام محطة مصر فى رمسيس فى قلب القاهرة وجلس الحاج عمران بجوار جمعة وطلب كوب شاى له و قهوة محوجة غامقة لجمعة وهنا تكلم الحاج عمران بصوت هادىء ومحاولا فتح حوار مع جمعه . عمران : تعرف يا أستاذ جمعة أن ابراهيم بتاع السجاير ده كان موظف مهم اوى فى مطار القاهرة و متزوج مين ممثلة مشهورة أوى اليومين دول اسمها الفنانة ( م ) أكيد تعرفها بس أيام ما كان ابراهيم متزوجها كانت مضيفة طيران معاه . جمعة مرتبكا وكأن صاعقة قد نزلت عليه فالاسم الذى يذكره هى زوجته حاليا وتزوجا منذ شهرين فقط . وياترى ايه الحكاية وهى لم تخبره بأى شيىء وقالت انها لم تتزوج من قبل وبدأ يجمع شتات عقله وتوتره قبل أن يلاحظ الحاج عمران ذلك وحتى يكمل حديثه ويعرف الحكاية بالكامل. جمعة : ومعقول أن ابراهيم ده كان بيشتغل فى المطار وايه اللى وصله إنه يبيع سجاير كدة. عمران : دى كانت بتحب التمثيل وهو كان رافض وكمان رفض يطلقها فضلت وراه لحد ما قامت بتلفيق تهمة ليه لحد ما دخل السجن ظُلم وطبعا رَفَعت قضية طلاق . بس هنقول ايه بقى فى الشيطان لما يلعب فى الدماغ منها لله وربنا ينتقم منها قادر يا كريم ويدعو رافعا يديه الاثنان إلى السماء. ينهض جمعه فجاة ويترك الحاج عمران وبدون أن يسلم عليه وينادى عليه ولكن بلا جدوى ذهب إلى سيارته الفارهة وتوجه إلى شقته بالرحاب حيث كانت زوجته قد بدأت تجهز نفسها لاول يوم تصويرفى الفيلم الجديد . وقف امامها جمعة : مفيش تصوير عايزك فى موضوع مهم جدا . الفنانة : نعم إيه ده وبتعمل كدة ليه مالك أنت شربت حاجة ولا ايه . جمعة : ولا هتلفقى ليا تهمة زى ابراهيم فاكرة إبراهيم اللى دخلتيه السجن . الفنانة : ابراهيم مين وتهمة إيه وإيه الكلام اللى بتقوله ده انت اتجننت بجد بقى وبكل ثقة وهدوء تكلمت الفنانة وبسبب ردها الثابت والحاسم جعل جمعه يتردد قليلا ويقرر التراجع لحين التأكد من الحقيقة قبل أن يتهور ويفقد أعصابه التى لو تعد موجودة أساسا . جمعة : انتى كنتى متزوجة واحد اسمه إبراهيم بيشتغل فى مطار القاهرة لما كنتى انتى كمان مضيفة فى المطار وموش عرفتينى كل الماضى ده قبل الجواز ليه ؟؟؟؟ الفنانة ترد بغضب : لا طبعا ولا اتجوزت قبلك ولا كنت مضيفة جوية ولا كل ده و فهمنى بقى ابراهيم ايه وتهمة ايه ده فيلم هندى بقى . هنا بدا يحكى جمعة ما حدث و كلام عمران وابراهيم وموقف السجائر و هو يحكى أطلقت ضحكة هائلة لدرجة انها عيناها دمعت ولمعت . يسأل جمعه وقد بدأ يتصبب عرقا من شدة الموقف قائلا جمعة : أهو يبقى تعرفى ابراهيم اعترفى وخلصينى . الفنانة : ولا اعرف إبراهيم ولا عمران ولا اى حاجة ومين اللى قالك الكلام الفارغ ده عشان أعرف اكيد حد عايز ينصب عليك واهدى شوية بقى عشان مستعجلة ورايحة التصوير انت كدة هتعطلنى ولما ارجع اتمنى تكون عرفت مين بيضحك عليك . نزلت الفنانة للتصوير وانطلق جمعه غاضبا كالمجنون يبحث عن الحاج عمران وذهب للقهوة فوجده انصرف وهنا قرر أن يواجه ابراهيم رغم صعوبة المواجهة وقد تتطور لمشاكل خصوصا شخصية ابراهيم الصعبة نوعا ما . ذهب إلى ابراهيم وطلب منه الحديث معه فى موضوع هام لدرجة انه طلب من إبراهيم الحديث بعيدا عن الزحام ووافق بسبب إلحاح جمعة، وذهبا للقهوة وعندما حكى جمعه القصة ضحك ابراهيم من قلبه حتى كاد يقع على الارض ممسكا ذراع جمعة خوفا من أن يقع على الأرض من شدة الضحك ولأول مرة يرى إبراهيم يضحك بهذه الطريقة وكأنه شخصا آخر وليس من تشاجر معه فى الصباح . ابراهيم : الحاج عمران ده راجل غريب وجايز القعدة لوحده فى اوضه على السطوح عملت حاجة فى دماغه ده بيحب تأليف الحكايات وبيطلع إشاعات وكتير أوى وعلى فكرة اتسبب فى مشاكل لناس كتير . و القصة المرة دى كانت على الفنانة زوجة حضرتك ولسوء حظه يقولك أنت القصة دى من بين التسعين مليون واحد ولا يمكن إنه يتخيل أن الصدفة هتجمعه بيك والمشكلة أنه راجل كبير وضحك جمعه من كلام ابراهيم وهدأت أعصابه و فى نفس اللحظة جاء عمران و عندما شاهد ابراهيم وجمعة من بعيد حتى وصل اليهم وتساءل عن سبب هروبه هذا الصباح فجأة . الحاج عمران : يعنى انا بتكلم معاك الصبح تطلع تجرى وكمان من غيرما تدفع الحساب ايه البخل ده. وعندما عرفه بنفسه انه زوج الفنانة التى حكى قصتها مع ابراهيم وحكاية المطار والقضية الملفقة ظهر اليوم وقع عمران على الارض من الصدمة، ويقال انه مكث اسبوعا فى غيبوبة بسبب ارتفاع ضغطه الذى كاد أن يودى بحياته وكان جمعه هو من تكفل بعلاجه حتى عاد لصحته وأصبحت علاقة صداقة مع عمران امتدت لفترة ليست بالقصيرة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;