أحمد المغربى يكتب: أدب الحوار وكلمة لابد منها

خلق الله- سبحانه وتعالى البشر مختلفين فى اللغة والفكر والعادات والتقاليد، وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا فى حدود ما أعطاه الله لهم من قدرات وإمكانيات تعينهم على الحياه فى كل زمان ومكان. وقد ميز الله الإنسان عن بقية المخلوقات بالعقل الذى به يفكر ويبدع ويميز بين الخير والشر، ويستطيع تحمل المسئولية كاملة عن حرية اختياره ونتيجة أفعاله. وإذا كان الإسلام دين الرحمة فهو يضع الوسائل المعينة على تحقيق حكمة الله فى خلقه من إعمار للأرض ونشر قيم المحبة والسلام بين الناس. والحوار من هذه الوسائل العظيمة والتى لا غنى عنها فى عالم اليوم برغم كل هذه المظاهر الحضارية والتى قربت المسافات بين البشر وجعلتهم يعيشون فى قرية صغيرة تنتقل فيها الأخبار والمعلومات بسرعة فائقة . نحن نعيش اليوم فى عالم تتصارع فيه الدول والأفراد ولا مجال للعيش فى أمن وسلام إلا بلغة الحوار الهادف الذى يجمع ولا يفرق.. يبنى ولا يهدم بل ويظل نبراسا لكل الفرقاء حتى يدركوا أن لغة العقل أسمى من لغة القوة. وللحوار الذى دعا إليه الإسلام آداب جليلة يجب أن يتحلى بها المسلم فى حياته اليومية، حتى تتحقق الحكمة من ورائه ويتواصل الناس فيما بينهم على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان، وقد بين القرآن الكريم والسنة النبوية ذلك فى كثير من الآيات والأحاديث، فمن وصايا لقمان الحكيم لابنه "واقصد فى مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير" (سورة لقمان: آية 19) كما يجب على المسلم أن يتورع فى النطق كما يتورع فى المأكل والمشرب، فيتجنب اللغو وما لا طائل ورائه كما يتجنب المحرمات والشبهات لقوله تعالى "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"، وفى الحديث قال صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت). والحوار الهادف الذى ندعو إليه تتوافر فيه كثير من الصفات من أهمها: 1- الإنصات إلى المتحدث حتى يفرغ من كلامه فلا نقاطعه ليعبر عن رأيه بكل حرية ولذلك قالوا: كن مستمعا جيدا لتكن متحدثا لبقا. 2-اختيار أجمل الكلام وأحسن الأفاظ أثناء مخاطبة الناس لأن المؤمن لا يكون فاحشا ولا بذيئا. 3-التمهل فى الكلام حتى يفهم المستمع المراد من الحديث. 4-مخاطبة المستمع على قدر فهمه وبما يتناسب مع ثقافته فلكل مقام مقال. 5-تجنب الخوض فى أحاديث لا نعلم عنها شىء أو لم نتأكد من صحتها. 6-تجنب مقاطعة أحد أو تصحيح كلامه أو تجريحه أو تخطيه أو السخرية من كلامه، قال الله تعالى "وقولوا للناس حسنا" البقرة. 7-التزام الهدوء والابتسام أثناء الكلام وعدم التجهم والعبوس فى وجوه الناس، عن أبى الدرداء قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يحدث حديثا إلا تبسم". 8-خفض الصوت وعدم رفعه أكثر من الحاجة وتجنب الصخب والضجيج والصراخ والانفعال، قال الله تعالى "واقصد فى مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير" لقمان آية 19. وقبل ذلك لا بد من توافر الإرادة الحقيقية لنجاح أى حوار بين طرفين أو عدة أطراف، وألا يكون متوقفا على شروط معينة تقف حائلا أمام التعبير عن الرأى وإيجاد الحلول المناسبة لكل مشكلة تواجه الأطراف المتنازعة. ولذلك يجب على كل المسئولين أن يدركوا أن حل المشكلات لا يكون بفرض الرأى وإقصاء الآخر، وإنما بالحوار الجاد الذى يسعى لتحقيق أكبر قدر من الصالح العام. وإذا كنا بصدد الحديث عن آداب الحوار فلابد أن نذكر القائمين على تعليم أبناء مصر بضرورة تربية أولادنا على ثقافة الحوار وآدابه العظيمة، وأن تحتوى مناهجنا التربوية على تلك القيم النبيلة بعد أن سادت روح العصبية والحزبية بين أبناء الشعب الواحد . وكما قال الشاعر: إن الحوار سبيلنا وطريقنا .. لبلوغ عهد من عظيم رخــاء فلنعتصم من أجل ثورتنا التى .. تأبى الرجوع لحقبة ظلماء حفظ الله مصر وشعبها ورحم الله دماء الشهداء ...!!!



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;