محمود حمدون يكتب: الحى أبقى من الميت

ذهبت لقضاء واجب عزاء فى فقيد عرفته زمنا، قطعت مسافة بين أزقة ومنعطفات بحى شعبى تغيّرت ملامحه كثيرا حتى وصلت لسرادق تميّزه نقوشه وتخبر الرائى بفحواه، فوقفت على عتبته مستحضرا حزنا مخزونا بالأعماق راجيا أن يتبدّى على ملامحى أمام أهل الفقيد . جلست بين المعزّين بعد أن شددّت على أيدى أخوة الميت، داعيا أن "تكون آخر الأحزان" ثم بدأ المقرئ التلاوة بصوت روتينى . كان ذهنه منصرفا لأجر ليلته، وبين الحضور كان يقبع " حانوتى " الحى بزى كالح اللون ونظرته الأقرب لذئب يترصّد فريسته .كان شارد الذهن يدير بصره بين المعزّين، يُحصى المسنين منهم ويتسلل بين عيون المرضى باحثا عن شرارة حياة توشك أن تنطفى ليقوم بوظيفته بتشييعها لمثواها الأخير، ويتقوّت وعائلته على خير يأتى من ورائها . برهة ثم اندلع مكبّر صوت من مكان غير بعيد فاهتزت الأرض تحت وطأة فرح كبير يزدحم بأفواج من بشر يجمعهم البحث عن رغبة أو نشوة . فانعقد لسان المقرئ وتوقف عن القراءة متعجبا ثم مقلّبا بصره بين الجميع كمن يبحث عن معين يُخرجه من بئر عميق . بينما تملّمل " الحانوتى " فى جلسته عندما رأى بعض المسنين وقد دبت فيهم حياة فتمايلوا نشوة بتأثير موسيقى صادحة تندلع بقوة فأسكرتهم وأهل الفقيد، عندئذ رنا أحدهم بعينيه " للحانوتى " قائلا: " الحى أبقى من الميت" .



الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;