يبدو أن أزمة الدولار التى أشعلت الأزمة الاقتصادية فى مصر حالياً وضعت الكثير من منتجى الدراما والقنوات فى مأزق كبير، خصوصاً أن النجوم يطلبون أرقاماً فلكية فى تعاقداتهم، وما يصاحبها من تأثير على التسويق والتصوير الخارجى، والخامات والإكسسورات وغيرها، وهو الأمر الذى جعل السوق الدرامى يشهد حالة من التخبط والارتباك، حيث إن هناك مشاكل كثيرة تتعرض لها القنوات الفضائية والتى تشترى حقوق العرض سواء الحصرى أو العام، إضافة إلى أن بعض القنوات لم تسدد باقى المستحقات للمنتجين عن أعمال العام الماضى حتى الآن، فكيف سيكون الحال مع تعاقدات جديدة فى ظل الوضع الاقتصادى المرتبك؟
أضف إلى ذلك أن هناك أعمالا تعتمد على التصوير الخارجى فى الدول الأوروبية، وهو ما يعنى أن هناك احتياجا لإحدى العملتين "اليورو أو الدولار" وأى زيادة فى السعر ترجمتها تأثر المنتج وكل فريق العمل، كما أن سعر الدولار تحديدا يؤثر على شراء الأجهزة الفنية والكاميرات الحديثة "الديجتال" التى نحتاجها فى صناعة الدراما عموما، إضافة إلى أن المستلزمات خارجية للتصوير يزيد سعرها وهو نفس الحال بالنسبة للتأثير الداخلى سواء لزيادة أسعار أماكن التصوير أو الخامات، وحتى الأشياء التى تبدو بسيطة، وكذلك الحال بالنسبة للديكورات والأخشاب والاستوديوهات والسيارات.
ظروف البلاد العربية حاليا، خصوصاً القنوات الخليجية التى تشترى حقوق البث للمسلسلات كل عام، أدت إلى تراجع عملية التسويق، فالبديل هو التسويق فى إطار ضيق، وحتى التليفزيون المصرى لم يعد يشترِ كالسابق ويضطر للبيع للمحطات الفضائية بأسعار قليلة، جزء منها عند التعاقد ومعظمها بالأجل، فالمعلن يؤجل مقابل الإعلانات، وبالتالى المنتج هو أول المتضررين، خصوصاً أن الدائرة تزداد انغلاقاً، إضافة إلى الضريبة المضافة والتى تزيد من الأعباء على المنتج والنجم على حد سواء.
وكخطوة أولية يحاول المنتجون اتخاذها فكروا فى اللجوء إلى تخفيض أجور النجوم، وهو الأمر الذى أصبح صعباً فى ظل تطبيق ضريبة القيمة المضافة، خصوصاً أن هناك أرقاماً خلال الأعوام الماضية أصابت الكثير بالذهول.
وبدلا من التصوير بكاميرات "هاى ديفنيشن" فضل المنتجون الديجيتال وهى أقل جودة، فمسلسلات النجم الكبير عادل إمام مثلا تتكلف من 21 إلى 51 مليون دولار، أجره منها فقط 5 ملايين دولار، والباقى معدات وأجور وما شابه، وبالتالى فإن المتبقى لا يتيح للمنتج أن يصنع عملا جيدا، خاصة فى الأعمال ذات الميزانيات الأقل سواء مسلسلات الشباب التى تتكلف من 3 إلى 5.3 ملايين دولار، أو ذات النجوم التى تتراوح تكلفتها من 7 إلى 10 ملايين دولار.وتشهد القنوات الفضائية حالياً حالة من التخبط الشديد بسبب ضعف الموارد والإعلانات التى تدخل أثناء عرض هذه المسلسلات، وهو الأمر الذى جعل القنوات توقف عملية شراء المسلسلات فى الوقت الحالى.
ويقول الخبير الإعلامى عمرو قورة لـ"انفراد" إنه يجب على صناع الدراما التوقف عن الإنتاج فى ظل أزمة العملة الصعبة التى شهدتها الصناعة منذ سنوات، خصوصاً بعد أزمة الدولار الأخيرة وفرض الضريبة المضافة، لافتاً إلى أن السوق الدرامى لم تعد له ملامح فى الوقت الحالى، فهناك حالة من التخبط الكبير سواء فى عملية الإنتاج أو الشراء أو أجر النجوم، مشيرا إلى أنه ليس من العيب أن تنخفض قيمة إنتاج المسلسلات بدلا من أن نقوم بإنتاج 40 أو 45 مسلسلا فى العام الواحد، فيتقلص العدد حتى تتضح الرؤية الاقتصادية خلال الفترة المقبلة.
كما أن المنتج جمال العدل كان قد تعاقد على 4 مسلسلات دفعة واحدة خلال هذا الموسم الدرامى، إلا أنه ونظرا للتطورات الاقتصادية اضطر إلى تأجيل واحد من هذه المشروعات، حيث قال لـ"انفراد" إن الأمر يزداد صعوبة فى ظل مديونيات القنوات للمنتجين، حيث إن بعضهم لا يزال لم يسدد مديونيات من 3 أعوام سابقة.