الذنب

أرفع يدى فى الهواء أطبق على راحتى اليمنى تكاد أصابعى تنفرط منى ألوح بقبضتى فى الهواء أضم أسنانى على بعضهما حتى أسمع صوت تكسرهما من قوة الضمة ليتها كانت أمامى حتى أنهال عليها بكلتا يدى لن يوقفنى صراخها.. لن تهزنى دموعها التى ستختلط بدمائها الساخنة من هول ضرباتى المبرحة.. أحببتها للدرجة التى يتوقف عقلى ومشاعرى عن تصديقها مهما أقسمت بكل كلمات الخالق على براءتها أو حاولت أن تذكرنى بأنها قد سردت لى قصتها.. عندما اعترفت بحبى لها.. كان من الممكن أن تنكر.. أن تخفى قصتها.. فكل ما قالته لى لا يمكن أن يصدقه إنسان كان من الممكن أن أهرب.. كان من الممكن أن تكذب.. فى زمن لا وجود فيه للصادقين لكننى صدقتها.. غفرت لها أخطاء لم ترتكبها فى حقى؟! بل فى حق حبيبتى؟ وهى حبيبتى وروحى التى ترفرف من حولى وفى قلبى.. لم أحتمل أن يعرف غيرى ما فعلته حبيبتى فى الماضى.. ليتنى كنت معها فى الماضى... منذ فتحت عينيها للحياة.. لو أننى كنت من أستقبل صراخها، وأخذها بين أحضانه لعلمتها أنها ليست من البشر.. لحرصت أن ترضع لبن طاهر فى طهر الملائكة وربيتها على أن تتعبد فى ملكوت ليس فيه سوى كائنات نورانية لا تعرف الخطأ.. حبيبتى تستحق أن ترى بعينيها الجنة.. تشم بأنفها رائحة العنبر.. لا تشرب إلا من نهر مملوء بعسل مصفى لذة للشاربين.. لا تأكل إلا من حدائق غناء... لكننا للأسف فى دنيا مليئة بأناس يرتدون ملابس البشر لكنهم أفاعى سامه تلذغ وتقتل.. وحبيبتى لا تعرف الخداع؟؟!! قلبها برىء براءة المولود فى مهده.. رغم أننى أعرف كل هذا عنها إلا أن ثورتى بلغت منتهاها.. واشتطت غضبا.. وفكرت أن أسلبها أعز ما تملك.. كرامتها.. فكرت للحظات أن أرتكب جريمة ستقضى على حلمها معى.. وثقتها فى حبى.. صدقت ما قالوه عنها.. شعرت بخزى من حبى لها.. تمنيت ألا تكون هذه المرأة بكل ما تحمله من أخطاء بشرية زوجتى وحبيبتى حمل صوتى إليها شجنا استشعرته وأنا أقص ما قالوه عنها هم لا يعرفونها كما أعرفها؟ جاءنى صمتها كالسكين يشق قلبى نصفين.. سألتنى ودموع تنزف من نبره صوتها.. بماذا دافعت عنى؟ هل صدقت ما قالوه.. نصف ما قالوه كذب ونصفه حقيقة.. لقد لوثوا الحقيقة بافتراء مقنع.. السكوت هو الوسيلة الوحيدة لكى يموت الكلام كلام أى كلام تعنيه.. لقد اعترفت بين يديك بذنوب لم تكن لك حق فى أن تعرفها؟ ووهمى جعلنى أظن أن هناك من البشر من يرى القلوب بعينيه وأن يملك شجاعة الاختيار.. رغم كل شىء أحببتك ورغم كل حبك خذلتنى. لم تختلف عن الآخرين كنت أظنك مختلفا.. كنت أظنك فهمتنى.. لكن ليس كل ما يتمناه المرء يجده.. حتى حبك لى مجرد وهم نسجته فى قلبى فكسره وحطمه لن أبكى بعد اليوم.. فدموعى غالية.. وشرايين قلبى أبيه تستحق أن تضخ دماء لا يتلوث بها حبك.. سأنتظره مهما طال العمر.. سأجد من يصدقنى.. من يحتوينى.. وأنا على يقين أنه موجود..