"سين وجيم" لأهم ما جاء فى كارثة سيول التجمع والعين السخنة

أسئلة وتحديات صعبة فجرتها موجة الأمطار الرعدية التى ضربت مصر الثلاثاء الماضى، وتسببت فى خسائر مادية جسيمة فى القاهرة والعين السخنة وبعض المدن، ولعل أهم تلك الأسئلة: - س: هل ما تعرضت له البلاد كارثة أم أزمة أم مشكلة تعامل مع مياه الأمطار؟ - ج: ما حدث هو كارثة بمختلف المعايير، وليس أزمة أو مشكلة طارئة، كارثة طبيعية، تضخمت نتيجة الفشل فى إدارة الأزمات والكوارث، والفساد وسيادة ثقافة الاستهانة والتواكل، فكل تقارير الأرصاد الجوية تحدثت عن فرص سقوط أمطار رعدية، وهو أمر معتاد أو متوقع فى فصلى الربيع والخريف فى مصر، ومع ذلك تجاهلت الحكومة وأجهزتها هذه التوقعات، وقال المتحدث الرسمى للحكومة إنها أزمة مفاجئة، وذلك رغم أن الأزمة أو الكارثة بالتعريف هى فعل مفاجئ يصعب توقع توقيت حدوثه. - س: نحمد الله.. لم تتسبب الأمطار الرعدية فى سقوط قتلى فلماذا إذن تعتبر كارثة؟ - ج: هناك معايير دولية للتفريق بين الأزمة والكارثة، أهمها عدد القتلى أو الجرحى، إضافة إلى الخسائر المادية والمعنوية، وترتبط الأخيرة بالمساس بالسمعة والكفاءة، وصحيح أن عدد القتلى والجرحى يكاد لا يذكر، لكن للأسف هناك خسائر مادية كبيرة نتيجة الشلل الذى أصاب بعض الشوارع والطرقات، علاوة على تعرض شقق وقرى سياحية وفيلات لكثير من التلفيات، ثم هناك الأضرار المعنوية التى لحقت بسمعة جهاز مدينة التجمع ووزارة الإسكان والتعمير، وكافة الأجهزة المسؤولة عن الإنقاذ وإدارة الأزمات والكوارث. لقد كشفت أمطار الخير التى تحولت إلى كارثة عن مدى ضعف وبطء، وربما فساد عديد من الأجهزة، لذلك فإن أغلب سكان المحروسة يتحدثون عما جرى، ويحرصون على الدعاء بالستر والسلامة لمصر والمصريين، لأنه لو افترضنا جدلًا أن هذه الأمطار استمرت فترة أطول «عدة ساعات إضافية»، فإن العواقب والنتائج كانت ستكون أكثر كارثية. - س: هل ما حدث هو نتيجة طبيعية لعدم وجود شبكة لصرف مياه الأمطار والاستفادة منها، وكذلك عدم تصميم الطرق والكبارى بطرق تساعد على تصريف الأمطار؟ - ج: نعم.. هذه أسباب حقيقية، لكن لابد من أن نضيف إليها عدم وجود لجان أو هيئات مختصة بإدارة الأزمات والكوارث، والإهمال وبطء التحرك، ووجود فساد كشفت عنه حوادث انهيار أسقف مبان حكومية وخاصة، وتسرب مياه الأمطار منها. وأتصور أن غياب التفكير العلمى والتخطيط السليم «والاسترخاص» هو الذى أدى إلى عدم تخطيط المدن الجديدة، كالتجمع والشروق، بأساليب تمكنها من التعامل مع أزمات وكوارث ارتفاع منسوب مياه الأمطار أو حدوث سيول. - س: أتفق معك كان هناك بعض البطء فى التحرك لكن الأجهزة الحكومية بذلت كل ما بوسعها لمواجهة الكارثة، كما أن رئيس الحكومة قدّم ولأول مرة اعتذارًا للمواطنين؟ - ج: أعتقد أن اعتذار رئيس الوزراء هو نقطة تحول مهمة وخطوة إيجابية فى تعامل الحكومة مع المواطنين، لكن لابد بعد هذا الاعتذار من اتخاذ إجراءات سريعة ومستدامة لمنع تكرار مثل هذه الكوارث، والاستفادة من مياه الأمطار، علاوة على تفعيل لجان إدارة الأزمات والكوارث على مستوى المحافظات والأحياء، وتوفير التدريب اللازم وكل ما تحتاجه من وسائل مادية. بصراحة أزمتنا الحقيقية أننا لا نتعلم من الأزمات والكوارث، لذلك نجد أن هناك أنماطًا متكررة من الأزمات والكوارث التى تتعرض لها مصر، ولا ننجح فى إيجاد حلول جذرية لها، وأشير هنا مثلًا إلى غرق مدينة رأس غارب، والإسكندرية قبل عامين، وإلى تكرار أزمات المرور عندما تسقط أمطار على القاهرة والمدن الكبرى. - س: برأيك هل قامت وسائل الإعلام بدورها فى مواجهة كارثة الأمطار الأخيرة؟ - ج: للأسف الشديد معظم وسائل الإعلام لعبت أدوارًا سلبية، فالقنوات العامة والخاصة والإذاعات لم تحاول متابعة الأحداث ومساعدة المواطنين، ولم يظهر مراسلون للقنوات فى الشوارع أو بين الناس، لقد كان بإمكان القنوات والإذاعات أن تنقل للمواطنين أخبارًا دقيقة وذات صدقية عالية عن الطرق المفتوحة، وعن كيفية الاتصال بالمسؤولين لتلقى الخدمات. لم يحدث شىء من ذلك، وجاءت التغطيات تقليدية ومتأخرة.. من هنا اعتمد الناس على وسائل التواصل الاجتماعى، وهى بدورها تحولت للأسف الشديد إلى منصات للمبالغة والتهويل والسخرية مما جرى، ونشر صور وفيديوهات وأخبار تثير الفزع ولا تنشر الثقة أو الطمأنينة بين المواطنين. - س: ألا ترى أن انتشار السخرية والنكات عبر وسائل التواصل الاجتماعى هو سلوك جديد يتعارض مع التضامن والتكاتف الجمعى للمصريين عندما يواجهون أزمات أو كوارث؟ - ج: بالفعل ما حدث هو سلوك جديد وغير مألوف بين المصريين، لكن علينا أن نتذكر أن النكتة والسخرية من بين أدوات الشعب المصرى عبر التاريخ لانتقاد الحكومات المتعاقبة، وأتصور أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعى وتكنولوجيا التصوير وتبادل الصور والفيديوهات قد شجع كثيرًا من المصريين على إنتاج وتداول النكات والسخرية من القاهرة التى غرقت فى «شبر ميه» وشوارع التجمع، الحى الأغلى والأرقى بين أحياء القاهرة. هذه المفارقة بين غرق أغلى أحياء القاهرة وتحول شوارعه إلى برك شجعت على السخرية وتأليف نكات، هى فى جوهرها شكل من النقد غير المباشر للحكومة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;