أسبوع المياه بالقاهرة والاستعمار الجديد

«أسبوع القاهرة الأول للمياه» المنعقد تحت شعار «الحفاظ على المياه من أجل التنمية المستدامة»، وبرعاية الرئيس السيسى وبالتعاون مع عدد من المنظمات والجهات الدولية، هو حدث مهم بكل تأكيد، لأنه يقدم رؤية مصرية نوعية ذات طابع إنسانى، فى مواجهة سياسات الاستعمار الجديد الذى يهدف إلى أمرين فى غاية الخطورة، أولهما تحويل المياه إلى سلعة دولية ولها بورصاتها العالمية، مثل النفط تماما، بزعم أن دول منابع الأنهار لها الحق فى احتكار المياه التى تنبع من أرضها وبيعها للدول الأخرى بالمخالفة لكل القوانين الدولية، والأمر الثانى هو دق طبول حروب المياه وتمهيد الأرض لها من خلال دعم اعتداءات بعض الدول على حقوق جيرانها المائية أو التغاضى عن الإضرار بالدول الأخرى صاحبة الحقوق فى الأنهار الدولية. وحتى ندرك أهمية الطرح المصرى فى مواجهة طروحات قوى الاستعمار الجديد، لابد وأن نشير إلى أن أغلب الموارد المائية العربية تتعرض للنهب والسرقة والاعتداء تحت سمع وبصر المجتمع الدولى الذى لا يتدخل لرد هذه الاعتداءات، وإنما يترك الأمور لصراعات القوى المجردة بعيدا عن الأطر القانونية الدولية والأعراف العامة الحاكمة، وعلى سبيل المثال فإن تركيا تقوم بأكبر عملية سرقة للمياه العربية من خلال تحويل مسارات نهرى دجلة والفرات اللذين ينبعان من أراضيها من خلال إقامة السدود والخزانات الكبيرة حتى تحرم سوريا والعراق من المياه، كما قامت بتحويل مسارات عشرات الأنهار الصغيرة التى كانت تمر إلى سوريا والعراق إلى الداخل التركى أيضًا للهدف نفسه، فى الوقت الذى تطالب فيه بتدويل نهر العاصى الذى ينبع من لبنان، ويمر بالأراضى السورية وصولًا إلى لواء الإسكندرونة المحتل والمقتطع من سوريا تحت الإدارة التركية. والأمر نفسه فيما يتعلق بإسرائيل وسرقتها المياه العربية من أنهار الأردن والليطانى وبحيرة طبرية ومياه الضفة الغربية والجولان المحتلين، بالإضافة إلى سرقتها المياه الجوفية من كل الأراضى العربية التى تتماس معها فى الحدود، الأمر الذى يهدد بكارثة بيئية حال استمرار الأوضاع على ما هى عليه. الأمر الآخر يتعلق بمحاولة إثارة النزاعات وزرع الشقاق بين الدول المتشاركة فى أحواض الأنهار بمختلف مناطق العالم، ومنها بالطبع أفريقيا ودول حوض النيل، وشهدنا كيف ترافقت محاولات تمرير مشروع الفوضى الخلاقة فى المنطقة العربية وتفتيت الدول العربية الكبرى وضربها بالحروب الأهلية مع تمرير اتفاقات إطارية جديدة تقوم على رفض الحقوق التاريخية لمصر فى مياه النيل وإنكار الحصص المائية الحالية لدول الحوض، مع إثارة الجدل دون أساس حول حقوق أكبر لدول المنبع فى التحكم وتداول مياه النيل إما وفق اتفاقات جديدة أو بحرية التعامل مع مياه النهر كسلعة قابلة للتداول، ولولا حكمة القيادة المصرية التى رأت ضرورة حل الأمور الخلافية بالحوار، والتفاوض مع تعظيم مبدأ التعاون والاستفادة الجماعية مع تجنيب مسببات النزاع، لوصلت الأمور إلى طريق مسدود. من ناحية ثانية، لا يمكن إنكار وجود أزمة مائية عالمية تلوح فى الأفق لعدة أسباب، منها تفاقم ظاهرة الاحتباس الحرارى وما يرتبط بها من موجات جفاف عالمية وتراجع معدلات سقوط الأمطار، مع احتمال جفاف مجموعة كبيرة من الأنهار الرئيسية فى العالم خلال السنوات المقبلة، بالإضافة إلى الزيادة المضطردة فى عدد سكان العالم بما يقلل الحصص المقررة لكل فرد ويهبط بمعدل الفقر المائى إلى مادون الألف متر مكعب سنويا.. وللحديث بقية.



الاكثر مشاهده

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

رابطة العالم الإسلامي تُدشِّن برنامج مكافحة العمى في باكستان

;