موسم تحصيل الضرائب

يأتى موسم تحصيل الضرائب المباشرة على الأفراد والمؤسسات فى شهر مارس وأبريل من كل عام ودائمًا لا تكفى حصيلة الإيرادات المطلوب منها لتغطية المصروفات المقررة فى الموازنة العامة للدولة بالإضافة إلى غير المتوقع من نفقات إضافية تأتى بغتة كل عام ومصر تضطر إلى التوسع فى الإنفاق العام المباشر وغير المباشر. الأمر الذى يسوق وزارة المالية إلى التوسع فى الضرائب غير المباشرة لسد تلك الفجوة من الطلب المتزايد فى بند المصروفات فى الميزانية. ولكن على حساب من! حيث تمثل الضرائب غير المباشرة للأسف عبئا على المواطنين فى أى دولة خاصة محدودى الدخل والفقراء وذلك لأنها ضريبة عمياء لا تفرق بين الغنى والفقير لأنها تفرض بسعر موحد على كل أفراد المجتمع. ذلك على عكس الضرائب المباشرة التى تفرق بين كل فرد من أفراد المجتمع وتحاسبه وفقاً لدخله، ولذلك أردت أن أوضح طريقة قياس عبء الضريبة غير المباشرة على أفراد الشعب، وتتلخص فى أن نحدد كمية الإنفاق الذى تقوم به الأسر المكونة لكل فئة اجتماعية على كل سلعة على حدة، أى أن نحدد كمية استهلاك كل فئة اجتماعية من كل سلعة. ثم نقدر اعتمادًا على هذه الكمية المستهلكة وعلى ثمن السلعة محل الاستهلاك وعلى سعر الضريبة المفروضة عليها، عبء الضريبة غير المباشرة التى تتحملها كل فئة اجتماعية نتيجة استهلاك هذه السلعة. ثم نخلص، عن طريق جمع مختلف الضرائب غير المباشرة، بنفس المنهج السابق البيان، التى تدفعها هذه الفئة الاجتماعية على مجموع استهلاكها، إلى تقدير عبء الضرائب غير المباشرة على هذه الفئة.

ونلاحظ أن هذا الأسلوب فى القياس يعتمد على الانفاق الحقيقى الذى تقوم به الأسر المصرية المكونة لمختلف فئات المجتمع على كل سلعة على حدة. ولا شك فى صعوبة الاعتماد على هذه الطريقة لأكثر من سبب، أولهما: احتمال إسقاط بعض السلع ونحن بصدد حساب العبء الضريبى غير المباشر، وذلك لكثرة السلع محل الاستهلاك، وهذا ما يعنى احتمال إسقاط بعض هذه الضرائب من الحساب.. ومع ذلك يظل من الممكن أن نعتمد على هذه الطريقة ونحن بصدد تحديد عبء ضريبة غير مباشرة بعينها على فئة اجتماعية ما. وثانيهما: صعوبة حساب ما تستهلكه كل فئة اجتماعية بدقة من كل سلعة. وعليه يكون من الضرورى، حتى نحدد عبء الضرائب غير المباشرة بالنسبة لكل مستوى من مستويات الدخول، أن نتعرف على ما تستهلكه هذه الفئة الاجتماعية من كل سلعة من السلع المفروضة عليها الضريبة غير المباشرة فى مصر.

ولذا يجب أن نفرق بين نوعين من السلع وهما أولاً: سلع تختص باستهلاكها أو باستهلاك الجزء الأكبر منها فئة اجتماعية معينة، بحيث يمكننا أن نحسب استهلاك هذه السلعة عند هذه الفئة وبالتالى نعتبر الضرائب غير المباشرة المفروضة عليها أعباء إضافية على هذه الفئة الاجتماعية وحدها. ومثل ذلك السلع الكمالية والتى يقتصر استهلاكها على الفئات الاجتماعية من الأغنياء، أى المستويات العليا من الدخل. ومثل السلع التى يقتصر استهلاكها على الفئات ذات الدخول المحدودة، والتى لا تذهب إليها استهلاكات الفئات المتوسطة أو ذات الدخول المرتفعة. ثانيًا: سلع تشترك فى استهلاكها جميع فئات المجتمع المصرى، أى تشارك فى استهلاكها جميع مستويات الدخول، وهذه هى السلع الضرورية مثل الخبز والسكر والوقود والسلع نصف الكمالية. وعليه يكون من الضرورى، حتى يمكننا أن نحدد نصيب كل فئة اجتماعية من الضرائب غير المباشرة المفروضة عليها، أن نحدد الكمية التى تستهلكها كل فئة من هذه السلع. ولا شك أن مثل هذا التحديد بالغ الصعوبة، ومع ذلك يمكننا أن نتوصل إلى تحديد مرضٍ عن طريق بحث ميزانية الأسر المصرية عند كل مستوى من مستويات الدخل. وهذا يتطلب معرفة عدد الأسر الداخلة فى تكوين كل فئة اجتماعية، أى كل مستوى من مستويات الدخول.

ويمكن أيضاً للتبسيط أن نعتمد على الكمية المستهلكة من سلعة معينة فى حى ما لمعرفة عبء الضرائب غير المباشرة على هذه الفئة فى ذلك الحى، هذا على افتراض أن كل حى يشكل وحدة اجتماعية متجانسة (مثل مصر القديمة أو بولاق أو السادس من أكتوبر...)، وهو ما يمكن الاعتماد عليه إلى حد كبير فى التصنيف. وفى حالات أخرى، كثيرًا ما توزع الخدمات، مثل خدمات الصحة والتعليم والمواصلات، على المستهلكين بأثمان مختلفة. ومعنى ذلك أن تنقسم إلى عدة أنواع تبعاً للثمن الذى تباع به. وعلى ذلك يمكن أن نحسب ما تستهلكه كل فئة اجتماعية من هذه الخدمات على أساس المستهلك منها.

وعلية يمكن أن نخلص إلى أنه لا يصح أن نعمم الحلول التى تعتمد عليها الدولة فى توزيع عبء الضرائب غير المباشرة بين فئات المجتمع المختلفة بالتساوى، بل يجب أن نعتمد فى توزيع عبء كل ضريبة على الطريق الأكثر ملاءمة لها، لأنه وكما ذكرنا الضرائب غير المباشرة "ضرائب عمياء" تضر بالفقراء ومحدودى الدخول أكثر من الأغنياء، ما يجعل الأمر مقلوبًا بحيث يجب أن يتحمل القادرون الجزء الأكبر من الضرائب غير المباشرة وليس العكس كما يحدث الآن، وألا تتجلى ظاهرة "الظلم الاجتماعى" • كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة .



الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;