«اللى يزعل من المنطق هتزعله الفوضى»

المصريون تعلموا الدرس الجديد رحلة سقوط محمد على.. نحن لا نصنع من التوافه رموزا أو أبطالا لم ينزل تتر النهاية بعد.. محمد على كان فصلا من مسرحية ذات فصول متعددة، سبقه ممثلون آخرون، وسيأتى بعده المزيد، العرض مستمر، المنتج القطرى والتركى لا يبخل فى الإنفاق والتجهيز والترتيب، والإخوان لا يتكاسلون عن تقديم المزيد من الخدمات فوق خشبة مسرح عنوانها انشروا الفوضى فى مصر. إياك أن ترتكن إلى فكرة أن الإخوان قد ماتوا، أو أن جسد الجماعة أصبح فى عداد الأموات وترفع شعار الضرب فى الميت حرام، الثعبان الإخوانى لا يموت، يهرب إلى الجحور ثم يعود ليطل مجددا بعد أن يغير جلده، الضرب فى جسد الجماعة وعقلها لابد أن يستمر حتى تطمئن تماما أن ذيلها لا يتحرك ورأسها تهشم تماما، وفضائحها لابد أن تنتشر ليعلم القاصى والدانى أنه لا باب سيفتح لعودة أولاد حسن البنا حتى لو بعد ألف عام. «آسف» التى صرخ بها محمد على مهزوما مدحورا، خائبا، فاشلا تمثل انتصارا كبيرا لتلك الدولة بمؤسساتها وشعبها، المؤسسات التى تعاملت بصلابة وثقة أمام سيل الاتهامات والتشكيك فى الذمة المالية واثقة من نفسها، والشعب الذى تعامل بثقة فى مؤسسات دولته ووقف حائط صد منيعا ضد استغلال غضبه أو ضيقه لخدمة أهداف محمد على وجماعة الإخوان فى نشر الفوضى والتحريض على النزول إلى الشوارع. إعلان محمد على فشله بعد أن صدعنا بقصائد النجاح والثورة التى تدق الأبواب والانهيار الذى أصاب مفاصل الدولة، دليل جديد على أن المواطن المصرى قد اتخذ قراره بعدم الشرب من بئر الجماعة المسمم بدعوات الفوضى والتحريض، ودليل أوضح على أن خيبة جماعة الإخوان وغبائها ليس له مثيل فى الأرض، فلم نر لهذه الجماعة رهانا إلا وخسر، منذ قرروا اختطاف ثورة 25 يناير وراهنوا على قدرتهم على الحشد فى إخافة الشعب المصرى، ثم راهنوا على محمد مرسى، ثم راهنوا على الدعم القطرى والتركى، ثم راهنوا على ضعف مؤسسات الدولة، ثم راهنوا على لعبة إثارة عواطف المصريين.. فشلوا فى كل شىء، وخسروا كل رهان. لم يختر الإخوان حمارا للرهان عليه إلا وخذلهم وغرق معهم فى بحر الفشل، فى ملف الإرهاب راهنوا على هشام عشماوى فأحضرته القوات المصرية ذليلا مكبلا، وفى ملف السياسة راهنوا على شخصيات كثيرة بداية من البرادعى وجنينة وفشلوا، وفى الإعلام راهنوا على معتز مطر وحمزة زوبع ومحمد ناصر ففضحهم أهل مصر وكشفوا أكاذيبهم وحولوهم إلى أراجوزات للتسلية، وفى ملف اللعب القذر راهنوا على أيمن نور فلم يحصدوا من رهانهم سوى مزيد من الخسائر والفضائح والمعارك الداخلية. مشهد اعتراف محمد على بأن الشعب المصرى يؤيد تلك الدولة ومؤسساتها ربما يكون الصفعة الأقوى على «قفا» جماعة الإخوان ومن خلفها، وانسحاب محمد على من المشهد بهذا الشكل المهين صفعة كبرى على وجه بعض النشطاء وأهل النخبة الذين هللوا مع بداية ظهور محمد على ووصفه بعضهم بأنه البطل الشعبى، لتدور الأيام وتثبت مجددا أن فئة النشطاء وبعض النخبة يشاركون الإخوان قصر النظر وعمق الفشل. من لحظة ظهوره فشل «محمد على» فى كل شىء، صحيح أحدث بعضا من الارتباك فى بداية الأمر، ولكن المحصلة النهائية لا شىء، ظهر فى البداية متحدثا عن تعرضه للظلم وسرقة ماله وظل يتكلم ويتكلم دون أن يقدم دليلا واحدا على ذلك، ثم انتقل للحديث عن الفساد فى بعض المؤسسات وقال: «انتظرونى عندى أسرار كتير وملفات فساد كتير، ولم يقدم مستندا ولا ورقة»، ثم بدأ فى مرحلة الهاشتاجات والشتائم، فكانت فضيحته الكبرى أمام العالم الذى اكتشف زيف الهاشتاجات وخيابة صنعها. فى المرحلة الثالثة من ظهوره، بدأ الإخوان فى تقديم الدعم لمحمد على وتحويله إلى رموز سياسى، فأعلن أنه لا يريد ماله هو يريد فقط مصلحة الوطن وبدأ يتحول إلى خبيرا فى الشأن السياسى والاقتصادى، واجتمع حوله ذباب الأرض من عناصر الإخوان والنشطاء ووجد دعما إعلاميا من الجزيرة وفضائيات الإخوان لم يحصل عليه أحد من قبل، ولكن المصريين أحالوه بسخريتهم إلى أراجوز سياسى وليس رمزا كما أراد من صنعوه. فى بداية ظهوره، قال للناس إنه جاهل ولم يتعلم بشكل جيد ولم يعمل بالسياسة، ثم بدأ فى التحول إلى وصى يتكلم فى تأسيس النظم السياسية ومكافحة الإرهاب وعلوم إدارة الدول بكلام أقل مايقال عنه إنه حواديت مصاطب ثم عاد واعترف فى مشهد الانسحاب أنه «بتاع بيزنس وتمثيل». لتبقى المفارقة الكبيرة فى قصة محمد على أنه لا أحد يتعلم، لا الإخوان تعلموا من دروس فشلهم خلال السنوات الماضية، ولا النشطاء وأهل الحركات السياسية الميتة فى مصر تعلموا من خيباتهم السابقة، ولا «ذباب» السوشيال ميديا الذى اعتاد تحويل التوافه إلى أبطال ورموز تعلموا من جهلهم، ومع ذلك يبقى الدرس الأهم والأوضح أن النشطاء والحركات والجماعات التى تعيش تائهة فى بحر فشلها منتظرة ظهور المهدى المننظر، هى حركات سياسية لا يعول عليها فى أى بناء أو نجاح. الدرس الأهم فى مشهد مسرحية محمد على، هو فوز وعى الشعب المصرى بالرهان، الشعب الذى طالما أهانه الجميع، أثبت مجددا أنه الدرع الحامى لهذا الوطن، هو الذى ينتفض للدفاع عن الجيش إذا تعرض له ساخر، وهو الذى ينشط على السوشيال ميديا لمواجهة هاشتاجات الإخوان المزيفة، وهو الذى يرفض دعوات الفوضى، وهو الذى تحمل كما يقول الرئيس السيسى دوما، قرارات الإصلاح الاقتصادى الصعبة، هو الذى أدرك قبل الجميع أن الإخوان يبحثون عن دمه، ويريدون استغلاله كما فعلوا من قبل لكى يكون مبررا لنشر الفوضى، وبالتالى المزيد من الدماء، وبالتالى يفتح لهم بابا للعودة وبابا لعودة التمويلات ويغلق أبواب فضائحهم وانشقاقاتهم وفشلهم. «اللى يزعل من المنطق هتزعله الفوضى» تلك هى القاعدة التى فرضتها تجارب السنوات الماضية وتعلمها الشعب المصرى، تعلمنا أن من يغضب من المنطق، ستغضبه الشوارع وهى تعيد له ذكريات الانفلات الأمنى بعد 25 يناير ونحن نعيش فى رعب بينما السلاح فى يد البلطجية والشركات والمصانع تتوقف عن العمل، والسياحة تنهار، والاقتصاد يترنح، وإرهاب الإخوان ينتشر فى الشوارع لا يفرق بين النساء والأطفال والرجال وقوات الأمن، لذا رفض المصريون إعادة نفس السيناريو وتسليم مصر للإخوان من جديد، وهم يعلمون فى قرارة أنفسهم وتخبرهم التجربة بأنه لا جريح استسلم وسلم جرحه لحلاق صحة إلا ومات متأثرا بسوء العلاج. الغباء لعنة لا تفارق الإخوان، يسكن فى عقول هؤلاء الذين حملوا كارنيه الانتساب إلى جماعة حسن البنا، ويسيطر على عقول هؤلاء الذين صدقوا فى غفلة من الزمن أن كلمة «ناشط» وظيفة تمكنه من إدارة وتحريك الناس، بينما الناس فى الشوارع لا تعرفه أبدا. التجربة تصنع الوعى، والوعى يصنع الفرق، والفرق بين ما يحدث فى السنوات الماضية وما يريدونه أن يحدث فى القاهرة اليوم أو غدا أو بعد غد، هو أن أهل مصر ذاقوا طعم الاحتجاجات المدفوعة بالتحريض والمغموسة بالدم والفوضى، وأدركوا مرارة المظاهرات والانتفاضات المتروكة لمن يركبها ويحول دفتها إلى حيث تخدم مصالحه هو وتحقق مكاسب لمن يدفعون أكثر، لذا تبدو محاولات فضائيات الإخوان أو نشطاء الخيبة والتمويل لتحريض الشعب المصرى وإغوائه تكرار التجربة، شديدة البؤس ودليلا جديدا على فشل الإخوان ومن معهم فى فهم كتالوج المصريين.



الاكثر مشاهده

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

;