حظر البناء .. وهيبة الدولة

لعقود طويلة استمرأنا الخطأ ، ولسنوات طويلة تعايشنا مع الفساد حتى أصبح طقساً مصرياً أصيلاً ، نستسيغه ، ولا نرى فيه أمراً غريباً ، نلعن المحليات ليل نهار ، ونشكو من التعديات والمخالفات التى أصبحت أساس حياة ، ولكننا فى الوقت نفسه نرتكب المخالفات ، بكل الطرق والوسائل ، حتى اختفت أخصب أراضى مصر وتحولت الى أبراج أسمنتية ، وتعدينا على كل البحيرات وردماها وبعناها بالمتر ، وتعدينا على حرم الطرق الدائرية ، ومن يحصل على رخصة بدور يبنى عشرة أدوار ،وأصبحنا نرى أبراجاً فى حوارى ، بلا إمكانيات للمرافق أو الخدمات ، ومن لديه رخصة عشة او حظيرة ماشية فى أطراف قريته تتحول بقدرة قادر الى بيت من عدة أدوار ، والبيت يتحول الى بيوت ، تعايش الناس مع الحرام ، وكل مخالفة لها تعريفة وتسعيرة ، تذهب الى مهندس الحى ، والى موظف الزراعة ، والى رؤساء هنا وهناك ، يرصدون المخالفة قبل ان تقع ، ليس لمنعها ، ولكن لتقدير أتعابهم الحرام مقابل غض الطرف ، ومقابل أن يعرفون المواطن بآلية وكيفة اتمام المخالفات ، التى تصل ذروتها أيام العيد والأجازات الرسمية ، ومساء الخميس والجمعة ، و"بقدرة قادر" يخرج المبنى على " وش الأرض " ، ويصبح أمراً واقعاً. حلم الرئيس السيسى أن يرى مصر فى المكانة التى تستحقها ، قوية عفية ، بلا عشوائيات ، فراح بلا كلل ولا ملل ينفذ مشروعه الفريد للقضاء على العشوائيات الخطرة التى كانت تنال من سمعة الدولة المصرية ، ورأينا كيف تتحول حياة هؤلاء من حياة معدمة لا يتوافر لها الحد الأدنى من مظاهر الحياة الآدمية الى حياة كريمة محترمة ، ربما يحسدهم عليها أبناء الطبقة المتوسطة ، كان آخر هذه المشروعات ، مشروع بشاير الخير فى الإسكندرية الذى يعد نقلة نوعية كبيرة لمنطقة غيط العنب وحرص الرئيس على افتتاح آخر مراحه بنفسه فى آخر أيام رمضان ووجه كعادته ، عدداً من الرسائل للمصريين والمسئولين بالدولة ، ولكنى سوف أقف هذه المرة أمام رسائله التى تتعلق بآلية او منهاج عمل الحكومة المستقبلى مع المخالفات ، بدا ذلك واضاحا عندما رفض أن يرى الرئيس الفيلم الذى يوثق لبعض حالات إزالة التعديات ، لعدم رضاه عن منهج العمل فى التعامل مع المخالفات ، ومع من يقوم بالمخالفات ، الذى عادة ما يعود إليها بعد أن يقوم لودر المحليات "بخبطة أو إتنتين" فى بلكونة البرج المخالف ، ولكن عندما يعرف المخالف أنه سوف يسجن وتزال المخالفة الى مستوى الأرض وعلى نفقته سوف يفكر أكثر من مرة فى الإقدام على الأمر . لاحظ الرئيس أنه رغم المعركة الشرسة التى تخوضها الدولة المصرية لمحاصرة العشوائيات والقضاء عليها وعدم السماح بظهور عشوائيات جديدة ، هناك من يسبق الحكومة ويرتكب المخالفات ، ويبنى بدون رخصه ، أو يخالف فى شروط الرخصة ، ويبنى ، ويبيع الشقق ، ويضع المواطن فى مواجهة مع الجكومة ،ووصل الأمر الى حد أن 50 % من البناء فى مصر يصنف على انه عشوائى، هذا أمر فى غاية الخطورة لا يمكن ان يستمر ، ولابد أن يكون هناك محاصرة للمخالفات وتجفيف منابع لها وسد لكافة الثغرات ، لذلك كانت توجيهاته الحاسمة بالقبض على مخالفي البناء وعدم الاكتفاء بإزالة البناء المخالف وقال بحسم: "عندنا 10 آلاف مخالف يبقيى يتقبض على 10 آلاف مخالف ويقدموا للمحاكمة العادلة "ووجه بدراسة وقف التراخيص لدراسة الوضع ومحاصرة التعديات والبناء المخالف واذا استلزم الأمر تعديلاً تشريعياً ، وفى الإطار نفسه ولتنفيذ رؤية الرئيس أصدر وزير التنمية المحلية، قراراً بحظر البناء لمدة 6 أشهر،وإيقاف إصدار التراخيص الخاصة بإقامة أعمال البناء أو توسعتها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها للمساكن الخاصة، مع إيقاف استكمال أعمال البناء للمبانى الجارى تنفيذها، لحين التأكد من توافر الاشتراطات البنائية والجراجات، وذلك فى محافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية وعواصم المحافظات والمدن الكبرى. من مزايا الرئيس التى تزعج كثيرين ، أنه لا يرضى بأنصاف الحلول لاى أمر يتعلق بمستقبل مصر ، ووقف منح تراخيص البناء يمثل استعادة لهيبة الدولة فى مجال المحليات ، وبداية لوقف ظاهرة تعديات ومخالفات طالت واستطالت وشوهت صورة العمران فى مصر وآن الأوان لهذه الظاهرة ان تنتهى الى غير رجعة .



الاكثر مشاهده

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

;