الفريضة الغائبة في مشروع بناء الإنسان المصري

تابعت بكل حزن ما أثير مؤخرا حول قضية التحرش التي أثارت ضجة واسعة وتصدرت "تريند" مواقع التواصل الاجتماعي.. وتفهمت حالة الاستهجان المجتمعي من ظاهرة مرفوضة ويجب التصدي لها بكل قوة.. السؤال.. كيف نتصدي لهذه الظاهرة وغيرها قبل أن تختفي حالة الغضب دون مواجهة حقيقية ويطوي القضية النسيان كالعادة بعد عدة أيام ونعود نتذكرها مع أي قضية جديدة ؟! قانونا هناك عقوبات رادعة تواجه كافة أشكال التحرش بما فيها الالكتروني وتتدرج لتصل للأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة تتخطي آلاف الجنيهات ، ورغم ذلك لم تختفي الظاهرة .. ما يتم الكشف عنه ويصل للقضاء لا يمثل الواقع الفعلي لما يحدث يوميا لأسباب مجتمعية نعلمها جميعا، إذاً القانون وحده غير كافي . المشكلة الحقيقية التي لابد أن نصارح أنفسنا بها أن التحرش عرض ضمن أعراض كثيرة ومتعددة لأمراض وتشوهات أصابت الشخصية المصرية لأسباب معلومة علي مدار العقود السابقة، منها الكذب والفهلوة والأنانية وغياب القيم وتراجع الأخلاق.. الخ، وكلها قيم سلبية علينا جميعا التصدي لها لو كنا نريد فعلا لهذا المجتمع أن ينهض ويتقدم . الرئيس السيسي أدرك مبكرا منذ ديسمبر 2016 ومع انعقاد أول مؤتمرات الشباب بالإسماعيلية جوهر المشكلة التي تواجهنا وطالب بإعادة بناء الشخصية المصرية، عبر مشروع قومي متكامل تشارك فيه كل مؤسسات الدولة وجاء التأكيد علي أهمية هذا المشروع القومي أكثر من مرة بداية من خطاب حلف اليمين الدستورية في ولايته الثانية أمام البرلمان في 2018 مطلقا إشارة البدء في مشروع بناء الإنسان المصري باعتباره قضية أمن قومي وعلى رأس أولويات الدولة ، ثم تكررت مطالبات الرئيس في مؤتمرات عدة بعدها . رسائل الرئيس كانت واضحة بأن بناء الإنسان المصري مسئولية مجتمعية وليست حكومية.. ليس هذا فقط بل استراتيجيته ورؤيته لما هو مطلوب العمل عليه في هذا المشروع من الجميع بداية بمؤسسات الدولة والمجتمع المدني والإعلام وانتهاء بالأسرة علي سبيل المثال لا الحصر إعادة صياغة سلم القيم وأولوياته ، وتشجيع ودعم القيم الأصيلة مثل الولاء والانتماء والإخلاص في العمل والتجرد ، وتنمية الذوق العام ، وإعادة الحياة لمنظومة القيم والأخلاق ،في مقابل دحض ومواجهة كل القيم السلبية التي تسببت في حالة الفوضى والعشوائية خاصة بين الأجيال الشابة . إذا نحن أمام مشروع قومي متكامل بتوجيه رئاسي لكل مؤسسات الدولة لإعادة بناء الإنسان المصري ..ومن هذا المنطلق نتساءل كيف تعاملت هذه المؤسسات والجهات المعنية مع هذا التوجيه الرئاسي ؟ والسؤال الأهم الذي ينبغي أن نصارح به أنفسنا جميعا هل قمنا بواجبنا تجاه هذا المشروع ؟. من الإنصاف أن نعترف بما تحقق جزئيا في مجالات التعليم والصحة والإعلام والدراما وتجديد الخطاب الديني ولكن الفريضة الغائبة هي غياب التعاون والتنسيق والتكامل بين كل المؤسسات فكل جهة تعمل في جزر منعزلة ..وحصاد ما تم انجازه حتي الآن خلال السنوات الماضية لا يلبي طموحاتنا ويحتاج لمراجعة وإعادة نظر . أخيرا نقول.. نحن بحاجة ماسة لتدخل رئاسي بإنشاء كيان أو مؤسسة تحت إشراف مباشر من الرئيس تكون مهمتها ومسئوليتها التنسيق مع كل الجهات المختصة لتفعيل وتنفيذ المشروع القومي لإعادة بناء الشخصية المصرية وإعداد وتأهيل المواطن للمستقبل الذي نحلم به جميعا بعيدا عن تريندات السوشيال ميديا التي يعاني أصحابها أحيانا حالة من الانفصام أو الانفصال عن مواجهة مشاكل مجتمعنا الحقيقية.



الاكثر مشاهده

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

رابطة العالم الإسلامي تُدشِّن برنامج مكافحة العمى في باكستان

;