نائب ممنوع من الكلام.. خطوة لا نعرف لها مثيلا فى ماضينا البرلمانى

لا أعرف من أين جاء الدكتور على عبدالعال رئيس النواب بفكرة معاقبة نواب البرلمان الذين ينتقدون السياسات النقدية للدولة، ولا أعرف إلى أى نص دستورى أو قانونى يستند، وليس من المعلوم حتى الآن هل وحده الذى أطلقها، أم تشاور بخصوصها مع أحد غيره، ولأن هناك شبه إجماع من النواب على رفض هذه الخطوة، وتأكيدهم على أنهم فوجئوا بها تماما، سنكون أمام حالة يتحمل مسؤوليتها وحده دون شريك.

قال «عبدالعال» فى الجلسة العامة لمجلس النواب يوم الأحد الماضى: «بعض النواب بيظهروا فى البرامج التليفزيونية، وبينتقدوا سياسات البنك المركزى وسعر الدولار، وأحذرهم من إحالتهم إلى لجنة القيم، لاتخاذ الإجراء المناسب ضدهم»، وأضاف رصدنا 3 مراكز بحثية برلمانية، لجأ إليها مجموعة من النواب لهدفين، الإضرار بالاقتصاد القومى من خلال ترويج انتقادات مغلوطة إلى السياسات العامة للدولة، والنيل من مجلس النواب بشكل محدد ضمن مخطط لهدم مؤسسات الدولة ككل.

طبقا لهذا الإجراء من «عبدالعال» فإنه ليس أمام النواب إلا رواية واحدة فى مسألة السياسة النقدية، وعليهم أن يتحدثوا بها أو يصمتوا، والرواية هى ما تقوله الحكومة والبنك المركزى، وبالرغم من أن سجل «عبدالعال» منذ أن تولى رئاسة البرلمان هو تأكيد يومى منه على «محبة الحكومة حتى آخر مدى»، ومحاولة مستميتة منه لجعل البرلمان على هذا النحو، فإن أحدا لم يتوقع أن يصل الغرام إلى هذه الدرجة، مهما قيل فى مبرراتها.

فى هذا المقام يردد رئيس النواب نغمة: «هدم المؤسسة التشريعية» و«هدم مؤسسات الدولة» فى تبرير قراره بمنع حديث النواب خارج البرلمان عن السياسة النقدية، وتهديده بإحالة من يكسر هذا القرار إلى لجنة القيم، وهى نغمة بمثابة إكليشيهات يجرى رفعها دائما فى سياقات تؤدى إلى تفريغها من مضمونها، فهل يعقل أن تؤدى وجهة نظر يقولها نائب برلمانى ترفض سياسة الحكومة النقدية إلى هدم مؤسسات الدولة؟ والحقيقة أن إثارة مثل هذا الكلام مهما كانت نواياه الطيبة هو ضد الدولة تماما، ويقود إلى عدم الثقة فيها.

فى أصل وظيفة البرلمانات أنها الجهة التى تراقب أداء الحكومة، وتصدر التشريعات، والأداء يقوم على رؤى سياسية ليس هناك إجماعا عاما عليها، وحين تقوم الحكومة بخطوة تعويم الجنيه على سبيل المثال لن تجد موافقة عامة عليها، وحين تقوم برفع الأسعار تحت مسميات مختلفة ستجد معارضة من القطاعات المتضررة، وحين تصدر تشريعا لصالح الأغنياء على حساب الفقراء سيرفضه الفقراء، وإذا لم يعبر النائب عن رأيه فى كل ذلك فلن يكون نائبا، وإذا لم يكن رأيه لصالح ناخبيه سيكون خائنا للأمانة، ومجالات التعبير عن رأيه مفتوحة طبقا للقانون والدستور.

يتحدث النائب تحت قبة البرلمان فترد عليه الحكومة تأييدا أو رفضا، يتحدث فى الفضائيات بوجهة نظر فيرد عليه أصحاب وجهات النظر الأخرى، وبنفس الطريقة فى المؤتمرات والمنتديات، والحصيلة من كل ذلك تكون وجود صورة من صور الديمقراطية فى التعبير، ومتنفس للرأى يحسب للجهات التى تفعله وتحافظ عليه.

الخطوة التى أقدم عليها «عبدالعال» هى فى إحدى صورها «تكميم أفواه»، وتقديم صورة سيئة عن الممارسة الديمقراطية لا نعرف مثيلا لها فى ماضينا البرلمانى، ولم تحدث فى برلمانات نظام مبارك، كما لا نعرف مثيلا لها فى برلمانات العالم.

يفعلها رئيس النواب متناسيا أن الناخبين هم الورقة الأهم فى كل ذلك، فحين يجد الناخبون نائبهم يردد معلومات خاطئة عن الدولار والجنيه ومجمل سياسات الحكومة الاقتصادية، فلن يكرروا انتخابه وهذا أكبر عقاب له، أما منعه على النحو الذى يريده عبدالعال فسيكون حجة له أمام ناخبيه بأنه ممنوع من الكلام، مما قد يؤدى إلى تعاطف أكثر من الناخبين.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;