طريق الكباش ليس مجرد حفل !

لم يكن الحفل المهيب الذي أقيم في مدينة الأقصر منذ عدة أيام بمناسبة إفتتاح طريق الكباش بين معبدي الكرنك والأقصر – هو مجرد افتتاح لطريق أثري يعود تاريخه لأكثر من ٣٦٠٠ عامًا فقط ، ولم يكن مجرد حفل فني ضخم استخدمت فيه أحدث تقنيات العصر الحديث بأدواتها المبهرة ، ولكنه – في رأيي – هو انعكاس حقيقي لما وصلت إليه الدولة المصرية من قدرة كبيرة على التحدي والإرادة والإدارة . الصورة المبهجة والمبهرة التي ظهر عليها هذا الحفل ، ولم يكن هو الأول من نوعه ، بل سبقه حفل موكب المومياوات الملكية في الثالث من أبريل الماضي ، كان وراءه مصنع ضخم ومتشعب من أعمال كبيرة ، أولها سبب الاحتفال وهو طريق الكباش ذلك الأثر المتفرد ، الذي يمتد لمسافة ٢،٧ كيلو متر ، بعرض ١٢٠ مترا ، ومن زار الأقصر أوائل ثمانينيات القرن الماضي سيتذكر أن هذا الطريق لم يكن به سوى عدد من التماثيل ، بعضها بجسد أسد ورأس كبش من معبد الكرنك ، والمجموعة الثانية بجسد أسد ورأس إنسان ، وهو ما استفاض في شرحه الدكتور خالد عناني وزير السياحة والآثار في كلمته أثناء الحفل . أما بقية الطويق فكان أكوام من التراب والإحجار المتكسرة ، ولا ينبئ بما هو أكثر من ذلك ، ومنذ عام ١٩٨٤ وحتى عام ٢٠٠٠ ، تم تحديد الطريق ، ثم بدأ مشروع تطويره في عام ٢٠٠٧، في عهد وزير الثقافة والآثار الأسبق الفنان فاروق حسني ، على أن يفتتح في ٢٠١٢ ، لكن أحداث ٢٥ يناير وما تلاها أوقف العمل ، حتى تم استئنافه في عام ٢٠١٧ . إذن هو جهد أكثر من سبع سنوات لعلماء وأثريين وعمال وإداريين ، جهد مضني لم يتحقق بسهولة ، ثم ما أصبحت عليه مدينة الأقصر ذاتها من تطوير شمل شوارعها ومرافقها ونيلها وآثارها وبيئتها الطبيعية ، لتكون على استعداد تام لاستقبال ضيوفها من العالم أجمع كواحدة من أعرق المدن العالمية إن لم تكن أعرقها وأقدمها . ثم يأتي بعد ذلك هذا الحفل الذي هو تضافر لجهد عدة جهات ، بداية من اهتمام السيد رئيس الجمهورية ، الذي أدرك أهمية مساندة هذه الجهات والوزارات ومتابعتها ، ثم حرصه ليس على التواجد فقط ، ولكن على السير لمسافات طويلة بين الطريق والمعبد والحفل لتتجول كاميرات العالم كله وتتبعه في خطواته ليقدم عرضا رائعا للمكان العظيم . حتى السيدة الأولى انتصار السيسي التي ظهرت بأناقتها وبساطتها المعتادة ، ووجهها البشوش ، كانت هذه المرة ترتدي فستانا له مسحة من أصول فرعونية لتقدم رسالة مصرية أخرى تدعم بها هذا الحدث المهم . ثم تأتي هذه الشركة المصرية الوطنية التي أخرجت هذا الحفل سعدي – جوهر ، فتقدم عملًا نموذجيًا تتوفر فيه الموسيقى الراقية والأصوات المنتقاة بعناية ، والملابس ذات الطابع المصري والفرعوني اعتزازا بأصالة بلدنا ، والإضاءة التي تستحق كل التقدير والتحية للقائمين عليها ، والراقصين والراقصات ، وحتى استخدام الحناطير التي اشتهرت بها الأقصر ، ووالتفاصيل الكثيرة المدروسة بعناية ، كل هذا يجعلنا أمام عمل وطني بامتياز . مصر بالفعل أصبحت تستطيع أن تحقق كل ما تريد ، وأن تعود للساحة الدولية بقوة كواحدة من أكثر مناطق الجذب السياحي في العالم ، وأعتقد انه لولا وباء الكورونا لكان لهذا الحدث مردود أكبر مما نتخيل ، فلعل الأيام القادمة تحمل إلينا ما يناسب هذه الأحداث المصرية المبهجة .



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;