بعد تراجع ملحوظ فى السينما العالمية فى عام 2020 بسبب كورونا، عادت سنة 2021 لتعيد الروح للسينما ومؤخرا شاهدت فيلم King Richard بطولة النجم ويل سميث، والذى يقدمه قصة ريتشارد ويليامز، والد النجمتين فينوس وسيرينا ويليامز أشهر نجوم لعبة التنس، لكنه فيلم بتجاوز القصة ويدخل بنا إلى دروب الحياة لنفهم أنفسنا وقدراتنا.
والفيلم من الممكن مشاهدته على مستويات عديدة منها ما يتعلق بصناعة السينما من صورة والقدرة على استحضار الفترة الزمنية، لكننى أغرمت بالحكاية، بالأب البسيط الذى شاهد ذات مرة برنامجا فى التليفزيون يتحدث عن لعبة التنس، وعرف منه أن لاعب التنس قد يربح فى أيام قليلة آلاف الدولارات، وهى أضعاف ما يربحه هو فى عام كامل، لذا قرر أن ينجب أطفالا يلعبون "التنس" حتى يمكنهم أن ينتشلوه من الحى الفقير الذى يعيش فيه.
لم يكتف ريتشارد وليامز بالأمنية، بل راح يحققها، أنجب طفلتين إضافيتين، فصار عنده خمس بنات، ووضع خطة مكتوبة لتدريبهم فى حيه الفقير، وسعى لدى المدربين الكبار وأصحاب المؤسسات الرياضية كى يتبنوا الطفلتين فى التدريب، لقد كان كل ذلك غريبا، فأصحاب البشرة السوداء فى ذلك الوقت لم يكن ذلك متاحا لهم.
لقد ناضل ريتشارد وليامز بالفعل، كما يليق برجل حلم وصدق حلمه، وابنتاه لم تخذلانه، بل سارا على الخطة التى وضعها، حتى تحققت الأحلام.
كان ريتشارد يملك قلب بائع متجول يحلم بالثراء، وفى الوقت نفسه يملك قلب أب يخشى على بناته، لذا فى فترة ما عمل على إعداد بناته وتدريبهما ورفض أن يشاركا فى البطولات الصغيرة، كانت تحركه مشاعر قديمة عن معاملة قاسية تلقاها بوصفه طفل أسود البشرة، لذا لم يرد لبناته أن ينتهى بهن الحال فى الشارع يتعاطين المخدرات، أراد أن يضعهن على قمة المجتمع ونجح بالفعل، فقد تغيرت حياته تماما.
فى الفيلم استوقفنى مشهد مهم، عندما سيطر الغضب ذات مرة على ريتشارد ويليامز، الذى كان بعض الفتية فى الحى يتعرضون لبناته ويهينونه بالضرب، لذا قرر أن يقتل الفتى الذى يتزعمهم، وبالفعل أخذ مسدسا وذهب كى يطلق عليه النار، لكن الظروف شاءت أن يتعرض الفتى للقتل من آخرين، لقد أنقذه القدر بالفعل من تصرف كان سيأخذه إلى طريق آخر لا يعرف كيف يعود منه.
إن فيلم King Richard يحسب بقوة للنجم ويل سميث، وللسينما العالمة، وللأحلام، وللعبة التنس، وللآباء يقول لك خطط لأحلامك واسعى لتنفيذها لكن بلا قسوة على الحالمين.