عفو وحوار .. مصر تسع الكل

الاختلاف مطلوب في أحيان كثيرة، وهو ظاهرة صحية بكل المقاييس، وعن طريقها يمكن للجميع أن يتبصر الطريق الصحيح، ويستمع كل منا إلى الأخر. ولولا الاختلاف ما تقدمت الأمم، وما استطاع كل منا أن يقيم الموقف ويعيد النظر في أشياء تتعلق بالمستقبل، الذي هو ملك للكل. الاختلاف بالدرجة الأولى، هو ثقافة مجتمعية، تعبر عن مدى قدرة أبناء المجتمع الواحد على تحمل الأصوات المتعددة، التي تستهدف الصالح العام وتحقيق أمال المجتمع ومتطلباته. والاختلاف في الرأي يحفز على الدراسة والبحث، ويكشف للإنسان آفاقاً جديدة، ورؤى متنوعة يستطيع من خلالها أن يطور من ذاته ومجتمعه، وخاصة في دراسة تجارب التاريخ، وإعادة النظر اليها بالفحص والدرس، مما يجعلها عبرة ترسم تصوراً للمستقبل. ولكن لابد لهذا الاختلاف من أرض صلبة وقوية، تحميه من التعصب لفكرة ما وقبول الأخر وتعمل على إبراز أهم ما يطرحه من أفكار، وأول مكون لهذه الأرض هو الحوار المشترك الذي يقبل تداول الآراء حول نقطه أو نقاط ما. سعدت بالمشاركة في حفل إفطار الأسرة المصرية، الذي شرفه بالحضور السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وتوقفت طويلاً أمام الطرح، الذي قدمه سيادته في هذا الحفل، الذي دعيت إليه، نماذج متنوعة تمثل الأمة المصرية بتاريخها وعمقها الحضاري وتنوعها في التخصصات والخبرات. ولا أستطيع أن أخفي سعادتي بمجمل الطرح، في شكل التكليفات الرئاسية للحكومة، خاصة فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية التي يشهدها العالم، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، لكني أتوقف أمام جملة، حددها الرئيس بقوله: "إن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية"، وليس للود قضية كما هو دارج، وإصرار الرئيس على تكراراها مرة أخرى.. "للوطن قضية". ومعنى ذلك أننا يمكن أن نختلف على أي شيء إلا الوطن، فهو الذي لا يجب أن نختلف عليه. فمن الممكن أن نختلف على رؤى أو مسلك طريق أو أولويات عمل، ولكن لابد أن يؤدي كل ذلك في النهاية، إلى مصلحة الوطن الواحد الذي هو ملك لنا جميعا. من بين التكليفات التي أراها هامة وحيوية لصالح الوطن، التكليف الرئاسي لإدارة المؤتمر الوطني للشباب، بالتنسيق مع كافة التيارات السياسية الحزبية والشبابية لإدارة حوار سياسي حول أولويات العمل الوطني خلال المرحلة الراهنة، وتوجيه الرئيس برفع نتائج الحوار الوطني إليه شخصياً، وتعهده بحضور المراحل النهائية منه، على أن يكون هذا الحوار الوطنى مع كافة القوى السياسية دون استثناء أو تمييز. وقبل أن ينطلق هذا الحوار، كان ضرورياً أن يتم إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي، التي تم تشكيلها كأحد مخرجات المؤتمر الوطني للشباب على أن توسع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدني المعنية، وربما تأكيد الرئيس على سعادته بالإفراج عن دفعات من أبناء مصر خلال الأيام الماضية، هو خير دليل على ما سيمكن لهذه اللجنة أن تقدمه وتعمل عليه خلال الأسابيع القليلة القادمة، وهو ما يؤكد أن الوطن يتسع للجميع وأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية كما قال الرئيس. هذا العفو وهذا الحوار يمثلان اساساً لأرضية مشتركة، تكفل ضمان وسلامة هذا المجتمع، وخير هذه الأمة. فعن طريق هذا الحوار يمكن مناقشة كل شيء تحت مبدأ واحد أن الوطن يتسع للجميع، وعليه فإن التكليفات الرئاسية الأخرى ستكون محوراً للنقاش، مما يسهم في تنوع الأفكار واثراء الحوار بكل ما فيه، والخروج بتوصيات واقعية، تسهم في صناعة القرار. مصر لن تتقدم إلا بحوار مجتمعي حقيقي، يشارك فيه كل أبناء الوطن من مختلف الاتجاهات الفكرية، وهو ما يحرص عليه الرئيس دوماً.



الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;