كن يُوسفَ هذا العصر

في عهد الفراعنة، رأى الملك كابوسا مرعبا، فقَالَ : "إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ"، فدعا كهنته لتفسير هذا الحلم المفزع وتلك الرؤية المخيفة، فلم يؤوله له أحد تأويلا صحيحا، فقَال الكهنة: "أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ". الحلم مخيف مفزع يدعو للقلق، والملك مازال متحيرا متوجسا خيفة، يبحث هنا وهناك عمن يؤول له رؤيته، فأخبره أحد عمال القصر، بأنه يعرف رجلا يستطيع تفسير الحلم، فجاءه بيوسف بن يعقوب "رسول الله في زمن الفراعنة". فسر يوسف النبى الحلم، وأخبر بأن أزمة في الأمن الغذائي ستجتاح البلاد تستمر 7 سنوات، فقال "تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ"، أي تزرعون كعادتكم 7 سنوات، ولاحظ هنا أنه قال "فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ" أي تناولوا قليلا من طعامكم وادخروا الباقى وذروه في السنابل وضعوه في الشون والصوامع. تابع يوسف التفسير فقال: "ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ"، أي بعد مرور 7 سنين زرعتموها، تأتى 7 سنين أخرى "تعيشون في قحط وعوزة حيث لا مطر ولا زراعة، فتأكلون ما ادخرتم في الـ7 الأولى. تابع يوسف تفسيره أيضا فقال: "ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ"، أى أنه بعد اتخاذ التدابير وتحمل الأزمة حتى انتهائها ينزل الغيث أي المطر، وتنبت الأرض ويأكل الناس ويعيشون في رخاء. الحلم انتهى والتفسير تم كما عبر يوسف النبى بوحى من الله، ولكن أزمات الغذاء في العالم كله لم تنته، ولابد أن نتعلم مما فعله المصريون القدماء، فنسير على دربهم، فلا نسرف ونحسن جوار نعم الله علينا. العالم أجمع يمر بأزمة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، التي تسببت في نقص الوقود وقلة المواد الغذائية، ما تسبب في غلاء الأسعار، الأمر الذى تواجهه الدولة بكل ما أوتيت من قوة ومن جهد، كما واجه يوسف القحط وقتما كان وزيرا على خزائن الأرض، وارتفاع الأسعار هذا ليس اختيار أحد بيننا، ولكن هو تدبير، كما دبر يوسف، لنشترى ما نحتاجه فقط ونأكل ما نملأ به بطوننا فقط، ما وصفه يوسف في تفسيره بالقليل "فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ"، فالأزمة العالمية الراهنة لا يعلم مداها إلا الله. أيها القارئ لتكن أنت يوسف هذا العصر، فلا تسرف في شراء ولا في طعام ولا في مأكل ولا في مشرب ولا في ملبس، فكن وسطا في جميع أمورك، لا تلقى ما تبقى من طعامك في صناديق القمامة بل ادخره لغدك، أو تصدق به لمن هو أدنى منك، لا تترك طعامك حتى يفسد فتضطر لرميه دون أن يستفيد منه أحد، لا تشترى ما يزيد عن احتياجاتك، لا تترك "الحنفية" مفتوحة فتهدر الماء الذى يكلف الدولة الكثير، قسم رغيف الخبز إلى لقيمات بينك وبين أفراد أسرتك، فإن انتهى الرغيف الأول تناول آخر وقسمه حتى تشبعوا جميعا، وتذكر حديث النبى محمد صلى الله عليه وسلم: "ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه".



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;