لماذا رفعت جامعة القاهرة رسوم انتساب المؤهلات العليا لـ 11 ألف جنيه؟!

المادة 19 من الدستور المصري تؤكد أن التعليم حق لكل مواطن، وهدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية، والتعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية. ورغم وضوح نصوص هذه المادة إلا أن البعض مازال يستهدف تسليع التعليم ليصبح للقادرين فقط على دفع نفقاته. عرفت بالصدفة البحتة أن أسعار نظام الانتساب لحملة المؤهلات العليا في جامعة القاهرة 11 ألف جنيه سنوياً، وقد أصابني الذهول من الارتفاع غير المبرر لهذه الرسوم، فلم تكن تتجاوز 400 جنيه سنوياً بأي حال قبل نحو 10 سنوات تقريباً، بما يعنى أنها تضاعفت حوالي 25 مرة، مع العلم أنه مع دفع كل هذه الأموال لا يتم اتباع نظام معين في المحاضرات أو مواعيد خاصة، أو اهتمام ملحوظ، بل يعامل الطالب بنفس البرامج العادية التي تستخدمها الكلية مع خريج الثانوية العامة. أسعار الانتساب الموجه للطلبة خريجى الثانوية العامة لا تزيد عن 2500 جنيه تقريباً، وهو أيضا رقم تضاعف حوالي 5 مرات، لكنه مازال مقبولاً وفي مقدور الكثير من الفئات توفيره، لذلك أتساءل: لماذا لا يتساوى طالب الانتساب القادم من الثانوية العامة مع طالب الانتساب الذي يحمل مؤهل عالي ويرغب في أن يسلك تخصص جديد أو يحاول الاستزادة من العلم، أو يغير طريقة حياته بحثا عن فرصة أفضل، أو حتى يدرس من أجل الدراسة، فهذه قضية تستحق الاهتمام والمتابعة من جانب وزارة التعليم العالي ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات. حرمان غير القادرين من التعلم جريمة متعددة الأبعاد، تنعكس بصورة سلبية على المجتمع، وتحرم الفقير من تغيير وضعه الاجتماعي والاقتصادي، فالفقراء في مصر يحتاجون التعليم أكثر من غيرهم، فليس لديهم ما يتكئون عليه، ولا أمل لديهم في تغيير حياتهم إلا من خلال مستوى تعليمي لائق يكفل لهم مكانة أفضل ومستقبل يحمل البشائر. مهما اختلفت أفكار الناس والمجتمعات حول معايير التقدم، وأولويات البناء والتنمية، إلا أن التعليم يظل الطريق الأول والسبيل الوحيد لجودة الحياة، خاصة لدى الدول الفقيرة أو النامية التي تطمح لمستوى معيشي أفضل ومعدلات نمو معقولة، لذلك لا يمكن أن نحرم من يرغب في التعلم بسبب تقديرات الربح والمكسب، التي يتم تحديدها دون مراعاة للطبقات الفقيرة، التي لن يتغير وضعها الاجتماعي أو الاقتصادي كما ذكرت إلا بالتعلم واكتساب المعارف والخبرات الجديدة. البعض يفكر في دراسة مجالات مختلفة، بعد التعليم الجامعي، مثل الحقوق والآداب والسياسة وغيرها، إلا أن عقبة عدم القدرة على توفير الأموال اللازمة تظل عقبة أمام هذا الحلم، خاصة في ظل تعدد أعباء الحياة، وأولويات الإنفاق، وموجة التضخم التي تجتاح العالم كله، لذلك يجب أن يخرج التعليم الحكومي من هذه المعادلة، ويتم تقدير أرقام عادلة، يمكن للعامة والطبقات الفقيرة سداداها، نحن فقط نحتاج إلى قراءة واعية لنص المادة 19 من الدستور، وعلى رؤساء الجامعات إعادة النظر في الرسوم المالية التي يتم فرضها على من يسعون للتعلم، وتمديد مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل غير القادرين على دفع النفقات، وهذا إن لم يكن من باب تكافؤ الفرص، فمن باب الإنسانية والرأفة بالفئات الفقيرة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;