Cop27 و"خطة شرم الشيخ للتنفيذ".. كواليس منح كوكبنا قُبلة الحياة

هُنا مِصر.. هُنا شرم الشيخ.. لقد أعلنت مصر عن نفسها مجددًا، وطَبعت قبلة الحياة على سطح كوكبنا "الأرض"، لتمنحه فرصة جديدة للبقاء ومن فوقه، بعد أن كاد يختنق جراء الانبعاثات التى طالت أضرارها الأخضر واليابس فيها. اختتمت الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المُناخ أعمالها، أمس الأحد، والذى جمع 66 ألف مشارك من أنحاء العالم كافة لتبادل الأفكار والحلول وبناء الشراكات والتحالفات، وأظهرت الشعوب بمن في ذلك الشباب والأطفال، كيف يتصدون لتغير المناخ. كما عقد زعماء ورؤساء العالم على مدى يومين خلال الأسبوع الأول للمؤتمر، ست طاولات نقاشية مستديرة رفيعة المستوى تركزت على الحلول بشأن موضوعات تشمل الأمن الغذائي والمجتمعات الضعيفة والانتقال العادل نحو تجاوز التحديات المُناخية وآليات توفير التمويل، والموارد والأدوات من أجل التنفيذ الفعال للعمل المُناخي على نطاق واسع. ورغم الخلفية الجيوسياسية الصعبة التى عُقد المؤتمر فى ظلها، ورغم القلق بشأن عدم الوفاء بهدف اشتراك الأطراف من البلدان المتقدمة في تعبئة 100 مليار دولار سنويا بحلول 2020 حتى الآن، إلا أن هذا لم ينثى عزيمة الرئاسة المصرية للقمة عن إحراز تقدم واضح ملموس على صعيد التنفيذ لأولمرة فى تاريخ قمم المناخ الـ26 السابقة. لقد نجحcop27 فى التوصل إلى اتفاق وُصف بـ"التاريخى" يضمن تمويلًا للبلدان النامية الأشد ضعفًا التي تأثرت بشدة من جراء الكوارث المُناخية، وذلك من خلال إنشاء "صندوق الخسائر والأضرار" . الاتفاق على هذا القرار كان وراؤه ساعات امتدت إلى أيام من العمل المتواصل و المفاوضات الشاقة فى أروقة مبنى الكابيتول داخل المنطقة الزرقاء "blue zone"، والمنطقة الحمراء"Red zone"، هناك واصلت الرئاسة المصرية لقمة المناخ وعلى رأسها وزير الخارجية سامح شكرى العمل ليلًا نهارًا بكد وإصرار على تحقيق نتائج فعلية تسهم فى مواجهة التحديات المناخية. أسعدنى الحظ بأن أكون شاهدة عيان على مسار دولاب العمل للرئاسة المصرية لقمة المُناخ، الذى كان ينطلق مع الساعات الأولى من كل صباح ويستمر حتى الساعات الأولى من فجر اليوم التالى، أرى وزير الخارجية سامح شكرى وفريق عمله ينتقل من غرفة اجتماعات إلى أخرى ولا يتوان عن الإجابة التوضيحية عن أسئلة الصحفيين كلما وجدهم فى الساحة الرئيسية أمام قاعة نفرتيتى حيث كانت تُعقد الجلسات الرسمية. كل ذلك الجهد بالوتيرة والحماس نفسه طيلة الخمسة عشر يوما هى مدة انعقاد القمة السابعة والعشرين، لم تعرف فيها الرئاسة المصرية لقمة المناخ الملل أوالكلل إلى أن وصلنا إلى"النتيجة التى ستنقلنا حتما كشعوب تقطن الأرض إلى الأمام.. مُنحنا تطمينات بأنه لا مجال للعودة إلى الخلف"، وفق ما قال سيمون ستيل، السكرتير التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. لم تقتصر النتيجة على قرار إنشاء صندوق الخسائروالأضرار والذى يُعد بمثابة خطوة مهمة نحو إحراز تقدم، مع إضافة القضية إلى الأجندة الرسمية واعتمادها للمرة الأولى فىcop27، لمساعدة البلدان النامية في الاستجابة للخسائر والأضرار، بل الخروج بحزمة من القرارات التي أكدت التزام الدول الصناعية الكبرى بالحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل مستويات عصر الصناعة. كما عززت الحزمة عمل الدول للحد من انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ، وكذلك تعزيز الدعم للتمويل والتكنولوجيا وبناء القدرات الذين تحتاجهم الدول النامية. والتوصل إلى القرار الشامل، المعروف بـ "خطة شرم الشيخ للتنفيذ"، والذى يوضح أن التحول العالمي نحو اقتصاد منخفض الكربون يستلزم استثمارات بما لا يقل عن 4 – 6 تريليونات دولار سنويا، والوصول لهذا التمويل سوف يتطلب تحولا سريعا وشاملا للنظام المالي وهياكله وعملياته، وإشراك الحكومات والبنوك المركزية والبنوك التجارية والمستثمرين المؤسسيين وغيرهم من الفاعلين الماليين. واتفقت الحكومات أيضًا على تأسيس "لجنة انتقالية" لتقديم التوصيات بشأن آلية تشغيل كل من ترتيبات التمويل الجديدة والتمويل في مؤتمر COP28 العام القادم. ومن المُقرر عقد أول اجتماع للجنة الانتقالية فى مارس من العام المقبل، كما اتفقت البلدان على ترتيبات مؤسسية لتشغيل شبكة سانتياجو للخسائر والأضرار، لتحفيز المساعدة الفنية للبلدان النامية أمام الآثار الناجمة عن تغير المُناخ. وعلى صعيد التكيف أحرزcop27 تقدما باتفاق الحكومات على كيفية المُضي قدما بشأن الهدف العالمي بشأن التكيف، والذي سيُختتم في القمة المقبلة المقررعقدها فى دبى COP28 بما يُسهم في تحسين المرونة بين أولئك الأكثر ضعفا، و أعلن رئيس COP27أجندة شرم الشيخ للتكيف، التي تُعزز المرونة للأشخاص الذين يعيشون في المجتمعات الأكثر ضعفا في مواجهة المُناخ بحلول 2030. وطلبت اللجنة القائمة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير والمعنية بالتمويل إعداد تقرير حول مضاعفة تمويل التكيف للنظر فيه خلال COP28 العام القادم. وأطلق المؤتمر أيضا برنامج عمل للتخفيف، يهدف إلى زيادة طموح التخفيف وتنفيذه على وجه السرعة، سيبدأ برنامج العمل مباشرة بعد COP27 ويستمر حتى عام 2030، مع عقد حوارين عالميين على الأقل سنويا. كما طلب من الحكومات إعادة النظر في أهداف عام 2030 وتعزيزها في خططها الوطنية للمناخ بحلول نهاية عام 2023، فضلا عن تسريع الجهود الرامية إلى الخفض التدريجي لطاقة الفحم بلا هوادة والتخلص التدريجي من دعم الوقود الأحفوري غير الفعال. كما شهد المؤتمر العديد من الإعلانات، حيث أطلقت البلدان مجموعة من 25 نشاطاً تعاونياً جديداً في خمسة مجالات رئيسية: الطاقة، والنقل البري، والصلب، والهيدروجين، والزراعة. و أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن خطة بقيمة 3.1 مليار دولار لضمان حماية كل شخص على هذا الكوكب من خلال أنظمة الإنذار المبكر خلال السنوات الخمس المقبلة، مع إطلاق شراكة قادة الغابات والمناخ، والتي تهدف إلى توحيد الإجراءات التي تتخذها الحكومات والشركات وقادة المجتمع لوقف فقدان الغابات وتدهور الأراضي بحلول عام 2030 وإطلاق خطة بقيادة مجموعة الدول الصناعية السبع المسماة "مرفق الدرع العالمي للتمويل" في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين لتوفير التمويل للبلدان التي تعاني من كوارث مناخية، كما شددت الدنمارك وفنلندا وألمانيا وأيرلندا وسلوفينيا والسويد وسويسرا ومنطقة والون البلجيكية، على الحاجة إلى مزيد من الدعم لأموال مرفق البيئة العالمية التي تستهدف الاحتياجات العاجلة للتكيف المناخي في الدول المنخفضة عن سطح البحر والمنخفضة الدخل، وذلك لدى إعلانهم عن تمويلات جديدة بإجمالي 105.6 مليون دولار. و الشراكة الجديدة لانتقال الطاقة العادلة في إندونيسيا، والتي تم الإعلان عنها في قمة مجموعة العشرين التي عقدت بالتوازي مع COP27 ستعمل على تعبئة 20 مليار دولار أمريكي على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة لتسريع التحول العادل للطاقة. وتم الإعلان عن تعهدات جديدة بإجمالي يزيد على 230 مليون دولار ، لصالح صندوق التكيف ستساعد المجتمعات على التكيف مع تغير المناخ من خلال حلول ملموسة للتكيف، وفي COP27 استمرت المُداولات في وضع "هدف جماعي جديد محدد بشأن تمويل المُناخ" في 2024، أخذا في الاعتبار احتياجات وأولويات الدول النامية. وبالتوازى مع اجتماعات الرؤساء والوفود، نجد أن الشباب قد مُنح دورا بارزا فيCOP27، حيث تمكنوا من إيصال أصواتهم من خلال أول جناح من نوعه للأطفال والشباب، وكذلك أول منتدى مُناخي من نوعه يقوده الشباب، كما تعهد السكرتير التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بحث الحكومات على ألا تكتفي فقط بالاستماع إلى الحلول المقدمة من قبل الشباب، وإنما إدراج تلك الحلول أيضا في عمليات صنع القرار والسياسات. كما أتاح جناح العمل المناخي العالمي في COP27 منصة للحكومات والأعمال والمجتمع المدني للتعاون وإظهار حلولهم الفعلية لمواجهة تغير المناخ، وعقد رواد الأمم المتحدة رفيعو المستوى لتغير المناخ برنامجا تضمن حوالى 50 فعالية، وعددا من المبادرات بقيادة أفريقية لخفض الانبعاثات وبناء المرونة المُناخية والتمويل. تبقى النتائج التى أحرزها cop27، دليلًا دامغًا على صدق الشعار الذى انضوت تحته الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف المشاركة فى اتفاقية الأمم المتحدة من أجل المناخ"Together for implementation "معا من أجل التنفيذ"، وتأكيد لما قاله رئيس القمة سامح شكرى:"إن العمل الذي تمكنا من القيام به خلال الأسبوعين الماضيين، والنتائج التي حققناها معًا، هي شهادة على إرادتنا الجماعية، للتعبير عن رسالة واضحة تدوى بصوت عالٍ،مفادها أن تلك الدبلوماسية المتعددة الأطراف لا تزال تعمل، و على الرغم من الصعوبات والتحديات في زماننا، وتباين وجهات النظر، ومستوى الطموح أو التخوف، فإننا نظل ملتزمين بمكافحة تغير المناخ".



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;